الثماني من رأي سليم، وشعور صائب، وسلوك حسن إلى آخره. ولكن الهندوسية قنعت بأشياء ظاهرية كالغسل في الأنهار المقدسة، والأخذ بالطقوس، والقرابين، ومعالجة الظاهر، ومعالجة الظاهر أيسر وأسهل من معالجة الأمور الباطنية؛ ولهذا تخلى البوذيون يومًا بعد يوم عن صراعهم مع نفوسهم، واكتفوا بقربان يقدمونه، أو مظهر يظهرون به.
كما ترى الهندوسية مما ساعد على ذلك تأصل نظام الطبقات الذي رفضته البوذية، واحتواء الهندوسية على تقاليد القوم وعاداتهم مما جرهم إليها يوما بعد يوم.
هذا ما آلت إليه حال البوذية في منتصف القرن الثالث قبل الميلاد، ففي داخل الهند كانت البوذية تضعف، وتنكمش، ولم تكن البوذية قد عرفت بعد طريقها خارج الهند، وجاء الملك العظيم أسوكا، والبوذية على وشك أن تنهار، فاعتنقها، وبعث فيها الحياة مرة أخرى، ودفع بها إلى الخارج والمؤرخون يعدونه للبوذية شبيهًا بالقديس بولس القسطنطين الأكبر بالنسبة للمسيحية. فتعالى بنا نقص طرفًا من حديث هذا الملك العظيم أعني عندهم.
أسوكا وانتشار البوذية:
كان الإسكندر المقدوني قد استولى على السند في زحفه نحو الشرق ولكنه لم يتقدم نحو نهر كينج، ولم يسيطر على باقي الهند؛ لأن المقدونيين رفضوا أن يسيروا معه في هذا العالم المجهول، وألَّفَ المقدونيون مملكةً صغيرة في هذا الركن من الهند في سنة ثلاثمائة وواحد وعشرين قبل الميلاد تمكن الأمير "شاندرا غوبتا" الذي ينحدر لأسرة موريا أن يجمع حوله قبائل عديدة من منطقة التلال، وأن يستولي على المملكة الإغريقية بالإنجاب، ويزيل عن الهند آثار الحكم الإغريقي وجاء ابنه بعده فبسط رقعة مملكته، فلما جاء حفيده أسوكا، وجد نفسه حاكمًا