للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما الفهرس وهو مصدر عربي، فيروي: ثم إن أباه أنفذ فحمله إلى الموضع الذي كان فيه، فربي معه، وعلى ملته، وبمعنى آخر أبقى فتق ولده إلى جانبه وعلمه دينه، ماذا كان هذا الدين استنادًا إلى الظروف لا بد أنه دين المختسلة لا غير، وتتوافق عبارة المختسلة العربية مع تسميتين وردتا لدى الكاتب السورياني فيودورباكونيه، وهما منقضى وحلي، وهواري، وتعنياني على التوالي الذين يُطهرون أنفسهم بحلل بيضاء، وفي حين يتطابق التعبير الأول مع عبارة المختسلة العربية، فإن التعبير الثاني ينسجم تمامًا مع عبارة سيفيد جامغان، وهو لقب أطلق على طائفة فارسية ظهرت فيما بعد، ومهما يكن الحال يلاحظ أن العديد من طوائف الكهنوت قد استخدمت الأرضية البيضاء مثل: البرهميين، والمندعيين، والمجوس، والكهنة السوريان في دورا وربوس، وعليه يصعب أن تلفت هذه التسمية انتباهنا أكثر، ومع ذلك ومن الأوضح تطابق المعنى والجوهر بين الذين يمارسون الغسل، والذين يطهرون أنفسهم. وهذا يستلزم ضمنيًّا وجود طائفة معمدانية، وتروى الكتابات القبطية المانوية كيف أن أحد الحواريين سأل ماني عن الكائنات السماوية التي بقدسها أهل الفطرة، فأجابه ماني مشيرًا إلى حياته الأولى والحياة الثانية، وبلا شك إلى الحياة الثالثة أيضًا.

ومن المؤكد أن هذه التعاريف موجودة بدقة في الأدب المندعي القديم، والمعني بها الكائنات البدائية السلمية الثلاثة، وعليه يقودنا تصريح ماني مباشرة إلى المندعية، وبفضل التوائم الذي يميز كل من المثيولوجيا المندعية، والمانوية، ومظهرهما الغنطوسي العام، وطقوسهما الدينية، والعديد من تعابيريهما المتخصصة، ويمكننا أن نفترض بكل ثقة أن فتق قد انضم إلى طائفة المندعيين في بلاد بابل الجنوبية، وأن ماني نشأ وترعرع في وسط هذه الطائفة المعمدانية، وتواجهنا هنا بعض العقبات.

<<  <   >  >>