وكانت أقاليم الحدود التي ذكرها هي مقاطعة بيت أربائل وهو موقع كان المكان الرئيسي فيه مدينة نصيبين، وهكذا جاب ماني ديار الإمبراطورية في جميع الاتجاهات مؤسسًا جماعات جديدة من الأتباع حيثما رحل، لكن ماني لم ينشط وحده في الدعوة إلى الهداية لدينه، فقد أرسل أتباعه شرقًا وغربًا أيضًا، ويصف لنا نص فارسي وثيق اثنين من هذه المشاريق، فنعرف أن ماني كان في جزء من طيسيفون عندما نظم هذه الرحلات التبشيرية.
وبناءً عليه بعث مولانا ثلاثة من الكتب الإنجيل ونصين آخرين، بعثهم إلى أدى، وأمرهم بقوله لا تذهب بها بعيدًا، بل ابق حيث أنت مثل تاجر يفتح مخزنًا، وعمل أدى بنشاط عظيم في هذه المناطق، وأسس عددًا من الأديرة، واختار العديد من الصفوة والسماعين، وكتب الكتب، وجعل من الحكمة سلاحًا، وتصدى للعقائد بهذه الكتب، وأوجد الخلاص بكل طريقة، وقهر العقائد وكبلها وتوغل حتى وصل إلى الإسكندرية؛ حيث أنجز العديد من أعمال الهداية، والمعجزات في تلك البلدان، وتقدمت عقيدة الرسول إلى داخل إمبراطورية الرومان.
وهكذا كان ماني قادرًا على تحقيق القبول لدينه في مصر، وهو ما يزال حيًّا، وكانت نجاحات مشاريعه الشرقية ذات أهمية بارزة أيضًا، ونُظمت هذه المشاريع من إقليم حلوان الذي تحمل حاضرته نفس الاسم، وتقع على الطريق الرئيسة الممتد ما بين طيسيفون وهمزان، ونقل في النص المقتبس آنفًا أيضًا عندما كان رسول النور في المدينة الإقليمية حلوان دعا نفسه مرآمون أي: المعلم أي: الذي يعرف اللغة الفرثية قراءة وكتابة، والذي كان أيضًا مطلعًا على ما أرسله مع أخوي الأمير أرطبان، وكان كاتبين ماهرين برسم وتزيين الكتب أرسلهما إلى أبرشهار وخاطبهما قائلًا "بورك هذا الدين وليتقدم هناك بقوة بوساطة المعلم والمستمعين والتبشير".