ومن الواضح أن الوضع متطابق هنا مع الوضع الذي شاهدناه في أغنية اللؤلؤة، غير أن بهجة العودة تمت ممارستها هنا، وذلك عندما يتحد الابن الشاب مع أمه، كما أن الأثر العاطفي الجياش والنبيل بشكل غير اعتيادي أخاذ بهذا التصوير.
فالشاب الذي يشرع بالكفاح بشجاعة هو بطل فتى متوقد يرتدي درعًا متلألئًا، والهزيمة الفجائية ومرارتها، والضربة المميتة تنبه المفزع عندما يدرك حالته المخيفة وصيحة النجدة اليائسة والرعب في موطنه إزاء مصيره البشع والمشئوم، ثم وصول المنقذ والحوار القصير الرشيق بين المنقذ والمنقذ، والمشهد الحي للعودة عندما تعانقه الأم وتقبله، والابن الوحيد الذي اعتقدت أنه رحل إلى الأبد. كل ذلك سلسلة كاملة من الأحاسيس الملونة، والمسيرة بواسطة هذه المشاهد المتغيرة بشكل مثير، وتأثير المشهد الأخير مثير بشكل لا يمكن وصف وقعه على مستمعي المذمور، ويمكن تخيل ذلك إذا فهمت الطريقة التي تم من خلالها نيل إعجاب قلوب المؤمنين بهذه الأغاني المانوية.
ويعتبر موضوع الأم الإنسان الأول وتخليصه الموضوع الرئيسي في المسيولوجيا المانوية؛ فالإنسان الأول هو المخلص، وهو بنفسه بحاجة إلى افتدا، ء فتلك هي العقيدة القنطوسية للمخلص المفتدي، وأما بالنسبة لمظهر الإيجاب والافتداء للمخلص، فإن النصوص المانوية المكتوبة باللغة الإيرانية الوسيطة تستخدم عبارة واهمان، وزلوخ، وعبارة مانوا هميت وزروخ في الفارسية الوسيطة، ويشير كل منهما إلى نئوس العظيم، وهو مفهوم متأصل في الدين الإيراني القديم، ووجه نظر متطابقة مع وجهة نظر ماني، وموجودة إلى حد ما في غسا الزرادشتية.
وهو دليل يشير بالفعل إلى أن النظرية تعود للعهود الإيرانية الهندية؛ لأنها تتكرر في كتابات أوبانشاد الهندية بمثابة عنصر في خط أتمان براهمان في التفكير