من رأي "ماني" أنه ينبغي للذي يريد الدخول في الدين أن يمتحن نفسه، فإن وجدها قادرةً على قمع الشهوة والحرص، وتَرْك أكل اللحمان، وشرب الخمر والتناكح، وترك أذية الماء والنار والسحر والرياء، فليدخل في الدين، وإن لم يلمس من نفسه القدرة على هذا جميعه فلا يدخل في الدين، وإذا كان يحب الدين ولم يقدر على قمع الشهوة والحرص، فليغتنم حفظ الدين والصديقين، وليكن له بإزاء أفعاله القبيحة أوقات يتجرد فيها للعمل والبر والتهجد، والمسألة والتضرع؛ لأن ذلك يقنعه في عاجله وآجله، وتكون صورته الصورة الثانية في المعاد.
هذا؛ ومما يُذكر عن المانوية أيضًا مسألة التناسخ:
حيث ظهرت بدعة التناسخ في خيال بعض الفلاسفة الذين قالوا بقدم العالم، وبإبطال البعث بعد الموت، وقالوا بتناسخ الأرواح في الأجساد المختلفة، والصور المتعددة، كأن تُنقل روح الإنسان إلى حيوان أو روح الحيوان إلى إنسان!! كما زعموا أن من أذنب في قالب ناله العقاب على ذلك الذنب في قالب آخر، وينطبق هذا عندهم على الثواب. وقد ذهبت المانوية أيضًا إلى اعتقاد التناسخ، مستندين إلى تعاليم "ماني" الذي يرى أن الأرواح التي تفارق الأجسام نوعان: أرواح الصديقين، وأرواح أهل الضلالة، أرواح الصديقين إذا فارقت أجسادها سرت في عمود الصبح إلى النور الكائن فوق الفلك، وتبقى في ذلك العالم على سرور لا ينقطع، أما أرواح أهل الخطايا والضلال فإنها إذا فارقت أجسادها، وأرادت اللحوق بالنور الأعلى