لعله بات واضحًا الفرق بين الدين السماوي، والدين الوضعي، ونستطيع أن نجمل القول بأنّ الدين السماوي ما توافرت له دلائل صحة سنده، وسلامه متنه، بينما الدين الوضعي هو الذي لم تتوفر له دلالة صحة السند، كما لم تتوفر له دلائل سلامة المتن.
وعلى ذلك أرى أن الدين قد يكون باعتبار أصله سماويًّا: لأنّ له نسبة إلى الوحي مثلًا، ولكن يحكم على بعضه بالوضع؛ لما أصاب المتن من تحريف وتغيير، أي: لم تتوفر له سلامة المتن.
يوجز الدكتور عوض الله حجازي الفروق بين الدين السماوي والوضعي قائلًا: إن الدين السماوي دين قائم على وحي الله تعالى إلى البشر، بواسطة رسول يختاره الله منهم، أما الدين الوضعي؛ فهو جملة من التعاليم، وضعها البَشرُ أنفسهم، واتفقوا عليها، واصطلحوا على التمسك بها، والعمل بما فيها، إنه تعاليم ناشئة عن تفكير الإنسان نفسه.
والدين السماوي يدعو دائمًا وباستمرار إلى وحدانية الله تعالى، واختصاص هذا الواحد بالعبادة؛ فلا يخضعُ المَرءُ إلا لله، ولا يستعين إلا به، ولا يذبح إلا بأسمه جل شأنه.
أما الدين الوضعي؛ فإنّه قد يُقَدّس الأحجار والأصنام، ويجيز تعدد الألهة فيجعلها كثيرة ومتغايرة، بل قد تكون متنافرة ومتخالفة، مثل: إله الخير وإله والشر، أو إله الحرب وإله السلم ... إلى آخره.
والدين السماوي ينزه الإله المعبود عن مشابهته لخلقه، فالله -عز وجل- لا يشبه شيئًا من مخلوقاته، لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، قال تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ