للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من نورها وهالة من بركاتها، فيرمزون بعروشهم على الأرض، إلى عرش الله في عليين"، وشاع هذا المذهب بعض الشيوع في القرن الثاني قبل الميلاد، قصر وأتباعه على الذكور دون الإناث، وجعل لهم درجات سبعا، يرتقونها إلى مقام العارفين الواصلين، رمزا إلى الدرجات التي تصعد عليها الروح بعد الموت، من سماء إلى سماء، حتى تستقر في نهاية المرتقى عند حظيرة الأبرار، ويحتفل بالمريد كلما انتقل من درجة إلى درجة، في وليمة يتناول فيها الخبز المقدس، ويسمح بالماء الطهور، ولا يطلع قبل الدرجة الرابعة على أسرار المحراب، بل يقتصر في العلم بتلك الأسرار على التقليد، ثم يترقى في معرفة السر الأعظم، إلى أن يعرف كلمة الله الخالقة في مقام العارفين الواصلين.

وأصل مترا قديم في الديانة الآرية، يدين به الهنود كما يدين به الفارسيون، وقد هبط في الديانة الزرادشتية، إلى مرتبة الملك الموكل بهداية الصالحين، ولكنهم جعلوه في الديانة المترية إله الشمس، ورب الكون وخالق الإنسان وقاهر أهرمن، بعد جلاد طويل، ولا يسبقه في الوجود شيء غير الأبد أو الزمان، أبو الأرباب عندهم وأبو كل موجود.

ويمثلون مترا حين تجسد على الأرض، مولودا من صخرة نائية في مكان منفرد، لم يعلم بمولده أحد غير طائفة من الرعاة، ألهموا معرفته فتقدموا إليه بالهدايا والقرابين، ومضى بعد مولده فستر عريه بورق من شجرة التين، وتغذى بثمرها حتى جاوز سن الرضاع، وكان أهرمن يحاربه ويتعقبه بالكيد، ويحبط كل عمل له من أعمال الخير والفلاح، فأرسل مترا على الأرض طوفانا أغرقها، ولم ينج معه إلا رجل واحد، حمل آله وأنعامه في زورق صغير، وجدد على الأرض بعد ذلك حياة الإنسان والحيوان، ثم طهر الأرض بالنار وتناول مع ملائكة الخير

<<  <   >  >>