وقبل أن نطوي صفحة الكلام عن آلهة الهنود، يجدر بنا أن نقتبس من كتاب (هندسم)، وصفه الرائع للاحتفال بالمعبودات الهندية، ومن هذا الكتاب يتضح، أن من أهم الشعائر الدينية، أن يعد التمثال أحسن إعداد وأن يقام في المعبد، ويعامله عباده كأنه حي يسمع ويعي، يدهنونه بالزيوت ويضمخونه بالطيب، ويحتف بالإله الجديد الذي يدخل المعبد لأول مرة احتفاء واسعًا، يتجه الكل للترحيب به وحسن استقباله كأنه ضيف عظيم، يغسل بالعطور ويكسى بأحسن ثياب ويزين بالجوهر واللؤلؤ، ويوضع أمامه أحسن طعام وأشهى شراب، ويحاط بالزهر والريحان، وتطوف به الجماعة منحنية ضارعة، على أنغام الموسيقى ودخان البخور وأصوات الغناء.
ويستمر هذا الكتاب ليقرر، أن بعض الهنود يرون في التمثال إلههم، ويراه آخرون رمزا للإله، ويخضع العابد إلى شعائر دقيقة، لتقبل توسلاته وعبادته، فهو يبدأ بأن ينظف نفسه ويقلل من الطعام أو يصوم، يتخذ أمام إلهه جلسة خاصة، ويشير إليه بإصبعه في خضوع، ويحبس أنفاسه ما أمكن، وهذه الصلاة تتكرر ثلاثة مرات في اليوم، ويصحبها قربانًا من أي نوع، ولا يطول وقتها في العادة، إلا بالنسبة لهؤلاء الذين لهم مطلب، يرجون عون الآلهة لتحقيقه، أو أولئك الذين يميلون للنسك، ويريدون مزيدًا من التقرب للآلهة، فأمثال هؤلاء يقدمون قرابين أكبر، وتطول صلاتهم أمام الآلهة.
والاحتفالات أو الصلوات اليومية، يمكن أن تجرى في البيت، إذ لا يكاد يخلو بيت من معبود، أما الاحتفالات العامة فتجرى في المعبد أو في الخلاء، ويستغرق بعضها ساعة أو ساعات، ويمتد بعضها لعدة أيام، وبعضها يتصل بمواسم زراعية أو فيضان أنهار أو هطول أمطار، وبعضها يتصل بالمعبود نفسه، بما يشبه ما نسميه في البلاد العربية المولد،