رابعًا: وحدة الوجود هذا المبدأ وثيق الصلة بالمبادئ السابقة، بل يمكن القول أن هذه المبادئ كلها وثيقة الصلة بعضها ببعض، وقد سبق عند الحديث عن الله في التفكير الهندوسي أن شرحنا كيف انبثق الكون عن الله، ثم شرحنا عند الكلام عن مبدأ الانطلاق، كيف يمكن أن يعود الإنسان إلى الإتحاد بالله.
وفي ولويد مزيد ل إ يضاح الصلة بين الكون وبراهما؛ مما أدى إلى اعتقاده بوحدة الوجود وأن نقتبس من فلسفة الهند الخطوات التي قادت إلى هذا التفكير، فقد كان الناس يؤمنون بأن في لعالم قوة عظيمة يلزم التقرب لها بالعبادة والقرابين، وكانت هذه القوة تسمى براهما في مرحلةٍ تاليةٍ لم تعد القرابين المادية ضرورية، بل حل محلها مراقبات على ظواهر كونية تخيلها الإنسان ضحايا، وذلك كالشمس، والنار، والهواء، وفي المرحلة الثالثة راقب الإنسان نفسه وتصورها قربانًا يوصل إلى براهما.
في المرحلة الرابعة تجردت المراقبات عن تصور القرابين، بل صار الناس يراقبون أنفسهم على أنهم القوة الكامنة العالمية المؤثرة، ثم وصلوا من التمثل إلى العينية، وأذعنوا أن النفس الشخصية هي عين القوة الحيوية العالمية، أو البراهما؛ فصار المفتكر والموضوع الخارجي شيئًا واحد.
وقد صور أستاذ هندي متخصص هذا الموضوع في مقال طويل نقتبس منه بعض الفقرات:
خلقت الحياة هذه من الروح أتم؛ فالإنسان ليس جسمه أو حواسه؛ لأن هذه ليست إلا مركبًا، وهي تتغير وتموت، وتبلى، بل الإنسان هو الروح وهي سرمدية أزلية أبدية مستمرة غير مخلوقة، وذكرت شروح "لويدا" أن الإنسان من حيث روحه جاء على فطرة الله براهما، وكما أن شرارة النار نار؛ فإن الإنسان من نوع الإله، وروحه لا يختلف عن الروح الأكبر، إلا كما تختلف البذرة عن الشجرة عندما تجرد الروح بالظواهر المادية تبدأ رحلتها للعودة للروح الأكبر؛ ولذلك يسمى تخلصها من الجسم طريق العودة،