للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أراد زيارة الرسول صلى الله عليه وسلم وأن يكون عمله مشروعًا ومقبولًا، عليه أن يقصد بسفره المسجد، فإذا أتى إليه صلى فيه ما قدر له، ثم أتى إلى القبر الشريف إن شاء، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم بأدب واحترام وعدم رفع صوت أو ضجيج، ثم سلم على صاحبيه، رضي الله عنهما، ثم انصرف.

ولم يعيِّن لزيارة القبور، ولا لأحد المساجد الثلاثة يومًا معلومًا، أو شهرًا معلومًا، بل شَرَع لنا زيارتها في أي وقت تيسر لنا ذلك، فهذا هدي الرسول صلى الله عليه وسلم وهذه سنته في زيارة القبور، ولكن لكثرة الجهل والإعراض عما جاء به المصطفى صلى الله عليه وسلم ضل بعض من الناس فجعلوا زيارة القبور استغاثة بالصالحين وتوسلًا بهم، ولم يميزوا بين ما شرعه لأمته، وبين ما نهى عنه، والله تعالى قد أوجب علينا طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، والاقتداء به، وهو صلى الله عليه وسلم قد أرشدنا بقوله وفعله وبين لنا الحكمة من ذلك. فلتكن زيارتنا واعظة ومذكرة، ولندع لإخواننا المسلمين بالمغفرة والرحمة، فهم محتاجون إلى الدعاء، لأن أعمالهم قد انقطعت بموتهم، فهم أحوج من الأحياء في الدعاء لهم، والترحم عليهم، وطلب الغفران، كل ذلك مشروع ومأذون فيه للرجال.

أما النساء فإنهن ممنوعات من زيارة القبور، وتشييع الجنائز، ولم يرخص لهن في ذلك، كما رخص للرجال وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم التأكيِد في منعهن من الزيارة، ولعنهن عليها، قال صلى الله عليه وسلم: «لعن الله زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج» ، لا يستثنى من ذلك قبر الرسول صلى الله عليه وسلم لعموم النهى. فمنعهن متحتم لجزعهن، وقلة صبرهن، وخوف الفتنة عليهن،

<<  <   >  >>