أعوذ بالله من الشيطان الرجيم فقد آوى إلى ركنه الشديد واعتصم بحوله وقوته من عدوه الذي يريد أن يقطعه عن ربه ويباعده عن قربه ليكون أسوأ حالًا.
فإذا قال:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة: ٢] وقف هنيهة يسيرة ينتظر جواب ربه له بقوله: «حمدني عبدي» فإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[الفاتحة: ٣] انتظر الجواب بقوله: «أثنى عليّ عبدي» فإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة: ٤] انتظر جوابه بقوله «مجدني عبدي» .
فيا لذة قلبه وقرة عينه وسرور نفسه بقول ربه:" عبدي " ثلاث مرات، فوالله لولا ما على القلوب من دخان الشهوات وغيم النفوس لاستطيرت فرحًا وسرورًا بقول ربها وفاطرها ومعبودها «حمدني عبدى» و «أثنى علي عبدي» و «مجدني عبدي» ثم يكون لقلبه مجال من شهود هذه الأسماء الثلاثة التي هي أصول الأسماء الحسنى وهي " الله " و " الرب " و " الرحمن " فشاهد قلبه من ذكر اسم الله تبارك وتعالى إلها معبودًا موجودًا مخوفًا لا يستحق العبادة غيره ولا تنبغي إلا له، قد عنت له الوجوه وخضعت له الموجودات وخشعت له الأصوات تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ}[الروم: ٢٦] وكذلك خلق السموات والأرض وما بينهما، وخلق الجن والإنس والطير والوحش والجنة والنار، وكذلك أرسل الرسل وأنزل الكتب وشرع