للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كانتا ترغيمًا للشيطان» . رواه أحمد ومسلم، وإذا شك المصلي هل صلى ثلاثًا أو أربعًا وترجح عنده أحد الأمرين بنى عليه وأتم الصلاة على ما ترجح عنده ثم سلم ثم سجد سجدتين بعد السلام لما في الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - قال: «إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم يسلم ثم يسجد سجدتين» . هذه أيها المسلمون هي الأصول في سجود السهو، وقد تبين منها أن سجود السهو له موضعان موضع قبل السلام وموضع بعده فمواضع سجود السهو بعد السلام ثلاثة، الأول: إذا زاد في صلاته، والثاني: إذا سلم قبل إتمامها وهو من الزيادة في الواقع، الثالث: إذا شك فلم يدر كم صلى وترجح عنده أحد الأمرين وما عدا ذلك فمحله قبل السلام. أيها الناس: إن كثيرًا من المصلين ينكرون سجود السهو بعد السلام ويستغربونه؛ وذلك لأنهم يجهلون هذا الحكم الشرعي الذي يرى بعض العلماء أن ما كان من سجود السهو قبل السلام فهو واجب وما كان بعده فواجب أن يكون بعده، وسبب جهلهم عدم تعلمهم لذلك وعدم العمل به من أئمة المساجد، وأئمة المساجد منهم من لا يدري بذلك ويحسب أن سجود السهو قبل السلام في كل حال، ومنهم من يدري ولكن لا يعمل به بحجة خوف التشويش على المصلين وهذا ليس بعذر في ترك ما أمر به النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم -، بل الحق الذي يكون به براءة الذمة ونشر السنة أن يسجد بعد السلام إذا كان موضع السجود بعد السلام حتى يعرف الناس ذلك ويفهموه ويعملوا به ويزول عنهم التشويش ويكون لفاعله أجر من أحيا سنة.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ - وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا - يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: ٢٦ - ٢٨] (١) .

اللهم اجمع قلوب المسلمين على الاعتصام بكتابك وسنة نبيك، ووحدهم على طاعتك، واهدهم سبلك، وبارك لهم في كتابك، ووفقهم للاقتداء بسنة نبيك إنك على ما تشاء قدير (٢) .


(١) أخي الخطيب: هناك خطب مرتبطة بصلوات ذات مناسبات شرعية معروفة كصلاة الخسوف والكسوف والاستسقاء والعيدين: الفطر والأضحى، والأصل في مناسبات الخسوف والكسوف والاستسقاء الصلاة والضراعة إلى الله والتوبة والاستغفار والإنابة، والخروج من المظالم، والخطب فيها إنما هي للتذكير بهذه المعاني، فإذا كسفت الشمس أو خسف القمر ندب للإمام أو نائبه أن يأمر بأن ينادى في الناس " الصلاة جامعة "، فإذا اجتمع الناس، صلى الإمام بالناس صلاة الخسوف أو الكسوف، وقد رويت هذه الصلاة من فعله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - على أنواع، لكن أصح ما ورد فيها ركعتان في كل ركعة ركوعان وسجودان فيكبر الإمام تكبيرة الإحرام، ثم يقرأ الفاتحة وسورة طويلة كسورة البقرة، ثم يركع فيطل الركوع، ويكثر من التسبيح، ثم يرفع فيقرأ بالفاتحة وسورة طويلة ولكن دون قراءته في القيام الأول، ثم يركع ثانية فيطيل الركوع، ثم يرفع فيطيل القيام، ثم يسجد فيطل السجود، ثم يجلس بين السجدتين ويطيل الجلوس، ثم يسجد ثانية فيطيل السجود، دون إطالته للسجود الأول، ثم يقوم إلى الركعة الثانية فيفعل ما فعله في الركعة الأولى، ولكن الركعة الثانية تكون أقصر من الأولى في سائر ما ذكرنا.
ثم يخطب خطبة يذكر الناس فيها بأن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، ويرغبهم في الجنة ونعيمها، ويرهبهم من النار وعذابها، ويحثهم على التوبة والاستغفار والتضرع إلى الله تعالى. ومن لا يستطع إطالة القراءة فلا مانع من أن يقرأ بقصار السور أو. مما تيسر له من القرآن العظيم.
(٢) انظر الضياء اللامع ص ١٤٢.

<<  <   >  >>