للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكانت صلاته قصدا، وخطبته قصدا» (١) .

والقصد والاعتدال نهج إسلامي أصيل، حث عليه الرسول صلى الله عليه وسلم في الأمور كلها، بل جعله جزءا. من أجزاء النبوة.

روى الترمذي من طريق عاصم الأحول، عن عبد الله بن سرجس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «السمت الحسن، والتؤدة، والاقتصاد، جزء من أربعة وعشرين جزءا من النبوة» (٢) .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لن ينجي أحدا منكم عمله، فقالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته. سددوا وقاربوا واغدوا وروحوا، وشيء من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا» (٣) .

ومن المعلوم أن خطبة الجمعة هي غير المحاضرة، أو الندوة، أو الدرس الذي يتطلب البسط والشرح غالبا، والوقوف عند أهم العناصر والأفكار والاستعانة بكثير من التكرار الذي يساعد على تثبيت المعلومة عند السامعين، وتقريبها.

وكلما كان الخطيب أوسع فقها، وأدق فهما، وأرحب ثقافة، وأملك لناصية البيان والفصاحة، كانت خطبته موجزة بليغة عظيمة الواقع على قلوب المخاطبين، ولا يخفى أنه قد تدعو الحاجة أحيانا إلى الإطالة في الخطبة، وذلك لأمور تعرض، أو أحداث تقع، فليس ثمة ما يمنع ذلك، وعلى الخطيب أن يكون لبقا، ذا فراسة في وجوه المصلين ومعرفة تعابيرها، فيراعي أحوالهم في


(١) رواه مسلم (الجمعة- ٦ / ١٥٨) .
(٢) الترمذي (البر- ٢٠١٠) وقال: حسن غريب، وأخرجه أحمد (١ / ٢٩٦) ، وأبو داود (الأدب- ٤٧٧٦) من طريق قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس بلفظ: الهدي الصالح، والسمت الصالح، والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة. وقابوس فيه لين.
(٣) أخرجه البخاري (الرقاق- القصد والمداومة على العمل ٦٤٦٣) بهذا اللفظ ومسلم (صفات المنافقين- لن يدخل أحد الجنة بعمله ٢٨١٦) .

<<  <   >  >>