للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكل ذلك مع الالتزام بالوقت المناسب للخطبة، فإن أهمية الموضوع لا تسوغ له الإطالة المملة التي تؤدي بالمخاطبين إلى السآمة، وإلى مخالفته في أسلوب علاجه للمشكلة، وهكذا فإن الخطيب المؤثر لا يعدم أن يجد مداخل كثيرة في لمس الواقع، ومعالجة مشكلاته من خلال موضوع خطبته مهما كان طابعه، قال ابن القيم رحمه الله: " وكان يأمر بمقتضى الحال في خطبته " (١) .

[أهمية الموضوع]

أهمية الموضوع: إن الخطيب داعية، ولذا ينبغي أن يتمتع بقوة الملاحظة، والفقه، وسعة الأفق، وتعدد المعارف، كما أنه ينبغي أن يكون ذا بصيرة بما يناسب جمهوره من الموضوعات الأهم فالأهم، وهذه الموضوعات يجب أن تصنف حسب الأهمية، وحاجة المخاطبين وظرف المناسبة، وغير ذلك من العوامل التي تقدم بعض الموضوعات على بعض.

وأولى الموضوعات بالتقديم، وأحراها بالتبصير والتنبيه، توحيد الله تعالى، وإخلاص العبادة له، والتحذير من الشرك، بجميع أقسامه وصوره، في العبادة والطاعة، والحكم والتشريع، شركا أكبر وأصغر، فإنه لا أحوج إلى الناس من هذا، ولا أولى منه بالتقديم، وكيف يقدم على هذا الموضوع وهو المهمة الأولى لجميع رسل الله عليهم الصلاة والسلام، ولكن على الخطيب أن يكون جذابا في عرضه حكيما في طرحه، يلون من حين لآخر بين الموضوعات، ويجيد قراءة وجوه المخاطبين واستشفاف آرائهم وانطباعاتهم.

قال علي رضي الله عنه: " أف لحامل حق لا بصيرة له، إن قال أخطأ وإن أخطأ لا يدري، شغوف بما لا يدري حقيقته " فهو فتنة لمن فتن به، وكون الخطيب حاملا للحق مؤمنا به يدعو الناس إليه، لا يسوغ له أن يخاطبهم بأي لهجة، وعلى أي حال، وفي كل مناسبة، فقد أمر الله تعالى موسى وهارون أن


(١) زاد المعاد (١ / ٤٢٨) .

<<  <   >  >>