للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - أهمية الموضوع: مما يجدر بالخطيب أن يراعي الأهم فالمهم من الأمور والموضوعات، صحيح أن بعض الأمراض الاجتماعية مشتركة في كل العصور، وفي كل الأجيال، لكن يبقى لكل بيئة خصائصها، ولكل زمان معطياته، وكلما جمع الخطيب بين الأصالة والمعاصرة، وبين فقه الواقع وسعة الاطلاع كان أعظم بصيرة وأوسع تأثيرا في النفوس.

إن الخطيب الموفق يبرع في انتزاع موضوعات خطبه من المناسبات الاجتماعية في مجتمعه، أو من الأحداث والوقائع التي تمر بأمته، والخطيب البارع يستطيع أن يوجد علاقة بين موضوعه- مهما كان- وبين واقعه، ويستطيع أن يستخرج من هذا الواقع من الصور والأمثال، والقصص، ما يحقق غرضه من تبصير الناس، وتعليمهم وتثقيفهم، إن قدرة الخطيب تبرز في ربطه بين موضوع الخطبة سواء أكان موضوعا فقهيا أو وعظيا أو غيره، وبين واقع أمته وما حل بها، وعوامل نهضتها ورفعتها، وبهذا الربط يمكنه أن يضع يده على الداء، وأن يمس مشكلات مجتمعه مس الطبيب للعضو المصاب.

ولأضرب مثلا لذلك تتضح به صورة الربط، فلنفرض أن موضوع الخطبة هو الصدقة، أو فضل المتصدقين، فإن الخطيب لا يحسن به أن يعرض الآيات والأحاديث الصحيحة، وأقوال السلف في فضل الصدقة، وينهي خطبته في حين أن حيه مثلا يعاني من مشكلة فساد ذات البين، أو مشكلة التخلف عن صلاة الجماعة في صلاة الفجر والعشاء، أو انتشار بدعة معينة في حيه، أو غير ذلك من مشكلات محلية، أو على مستوى الأمة كلها، دون أن يشير إليها من قريب أو بعيد، فالخطيب يستطيع بحكمة وذكاء أن يبين عظمة الإسلام وشموله لجوانب الحياة، وأن مشكلاتنا الاجتماعية، والاقتصادية، والأخلاقية إنما هي لسبب بعدنا أو تقصيرنا في فهم ديننا، وعدم التحاكم إليه في شؤون حياتنا، ثم يتطرق إلى المشكلة بعينها، فيعرض لعلاجها على ضوء الإسلام،

<<  <   >  >>