للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حصل لبدعته رواج واغتر بها بعض العامة.

قيل للإمام أحمد: الرجل يصوم ويصلي، ويعتكف، أحب إليك؟ أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف، فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين، وهذا أفضل (١) .

ولا ينبغي أن يفهم أن جواز التجريح في بعض الأحوال يعني أن للخطيب أن يطلق لسانه بألفاظ السباب والشتائم، واللعنات، والكلمات النابية التي تجرح المسامع فإن المسلم يترفع عن مثل هذه الألفاظ، فليس هو بالسباب، ولا اللعان، والطعان، فإذا كان الخطيب قويا في رده، واضحا في عرضه، دامغا بحجته، أوصل الحجة إلى الناس، وأوضح الحق، وهذا هو الذي يؤثر في قلوب الناس ويملؤها قناعة وثقة، وليس السباب والشتائم.

[تجنب المبالغة والتهويل في الخطبة]

(ج) تجنب المبالغة والتهويل في الخطبة: النفوس بطبائعها تنفر من المبالغة الزائدة عن الحق، وتفر من التهويل في الكلام، فاتباع الخطيب لهذا الأسلوب من شأنه أن يهز ثقة المخاطبين به، ويفقدهم المصداقية المطلوبة للإقناع والتأثير.

إن المسلم يتمتع بثبوت قياساته للأحداث والوقائع، ودقة موازينه للأمور، ومنهجه في هذا هو الوسطية، التي تعد من خصائص هذه الشريعة، ومن خصائص هذه الأمة.

{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: ١٤٣]

وإنما استحقت الأمة هذه المكرمة، وهي الشهادة على الناس بهذا المنهج الذي تتبعه، وبهذه الشريعة التي تدين بها.


(١) مجموع الفتاوى (٢٨ / ٢٣١) .

<<  <   >  >>