للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث اشتمال الخطبة على الأمثال والأشعار والقصص]

[المطلب الأول اشتمال الخطبة على ضرب الأمثال]

المبحث الثالث

اشتمال الخطبة على الأمثال والأشعار والقصص

المطلب الأول

اشتمال الخطبة على ضرب الأمثال المراد بضرب المثل هنا سوق الصور، والقصص، والوقائع المتشابهة، ليستدل بالحاضر على الغائب، وبالمحسوس على غير المحسوس، أو بالمحسوس من الصور الوقائع على نظائرها وأشباهها، والمقصود من ضرب المثل تقريب الأمر للمخاطب، وترسيخه في ذهنه لتحصل العبرة والعظة من ذلك (١) .

ولذا نجد أن القرآن الكريم أكثر من ضرب الأمثال، قال تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ} [الروم: ٥٨] (٢) .

وقال جل وعلا في تمثيل الحق والباطل: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ} [الرعد: ١٧] (٣) .

وضرب الله تعالى المثل بالعنكبوت، والبعوضة، والذباب، وغير ذلك، وكل أمثال القرآن عظيمة مؤثرة، تأخذ بالقلوب، وتهز النفوس، وتجسد المعاني في صور ماثلة للعيان كأن المرء يحسها ويلمسها بيده.

والخطيب لا يستغني في خطبته عن ضرب الأمثال لما فيها من قوة التصوير والتأثير، ولذلك كانت الأمثال حكمة العرب في الجاهلية والإسلام، وبها كانت تعارض كلامها فتبلغ بها ما حاولت فيها بكناية من غير تصريح، فيجتمع لها


(١) وفوائد المثل كثيرة منها نزهة البال وترويح الخاطر، ومنها استقصاء الحكم (جواهر الأدب / ١٢٦٠) .
(٢) الروم: ٥٨.
(٣) الرعد: ١٧.

<<  <   >  >>