للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فموضوع الخطبة لا يستطيع الخطيب أن يقدمه كامل الأفكار، متزن المعاني، بديع الألفاظ، رائع التعبير إلا بعد إعداد سابق، حيث يخلو الخطيب بمعارفه ومطالعاته فيختار منها ما يناسب موضوع الخطبة، ويرتبه، ويرصفه رصفا محكما كلبنات البناء الواحد، ويتخير العبارات المناسبة التي تمنح خطبته جمالا وتأثيرا.

وظاهرة الإعداد ليست دليلا على ضعف الخطيب، وضمور قدرته الخطابية، بل نجد في الإعداد دليلا على مدى اعتداد الخطيب بموضوع خطبته، واهتمامه بجمهوره الذي ينتظر منه النفع، ويستهدف الفائدة، إذ لو ارتجل خطبته، ولم يعد أفكارها ومعانيها لجاءت قليلة الزاد، عاجزة عن معالجة الموضوع بصورة محكمة في كافة جوانبه، مما يؤدي إلى انتزاع ثقة الجمهور به (١) .

[تقسيم الخطبة]

تقسيم الخطبة: الخطبة الجيدة تبدأ بمقدمة مناسبة تضع الموضوع في إطاره الصحيح، وتساعد المستمع على الفهم والاستيعاب. ثم تتناول نقاط الموضوع الرئيسة بدقة، مع عرض لخلاصة أخيرة تنتهي في الزمن المحدد (٢) .

وللجمعة خطبتان كما هو معلوم، لذا فإن الخطيب يستطيع أن يوزع الأفكار الرئيسة للموضوع على الخطبتين دون أن يحاصره الوقت، أو يمل السامعين، وليس من السنة ما يفعله بعض الخطباء من قصر الخطبة الثانية على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاء فقط، فالخطبة الثانية ينبغي أن يكون لها صلة بالخطبة الأولى، أو فيها استكمال للنقاط التي طرحت فيها، أو استكمال للموضوع بنقاط وأفكار جديدة.

المقدمة: ومما له أثر في شد انتباه المخاطبين، أن يقدم للخطبة بمقدمة تسترعي انتباههم


(١) خصائص الخطبة والخطيب (ص ١٥٢- ١٥٣) .
(٢) انظر دليل التدريب القيادي، هشام الطالب (ص١٥٤) ، فن الخطابة (ص١١٨- ١٢٠) ، خصائص الخطبة والخطيب (ص٢٥- ٣٠) .

<<  <   >  >>