للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث ثقافة الخطيب وعلمه]

المبحث الثالث

ثقافة الخطيب وعلمه الخطيب داعية، فيلزمه ما يلزم الداعية إلى الله تعالى من العلم والثقافة، ومن المعلوم بالمشاهدة أن الخطيب أو الداعية إلى الله كلما كان أوسع علما، وأشمل ثقافة كان أكثر تأثيرا، وأشد جذبا للسامعين.

وثقافة الخطيب عنصر مهم من عناصر نجاحه في مهمته، فالخطيب ذو الثقافة يعرف كيف يطرح موضوعه، وأي الموضوعات يطرح، وكيف يناقشه، ويعرف من يخاطب من الناس، وكيف يخاطبهم، ويعرف واقعه، وكيف يتعامل مع هذا الواقع، ويصوره للناس أدق تصوير ليبين مدى انسجامه مع الإسلام أو عدم انسجامه، ويجيد الربط بين ماضي أمته وحاضرها، وانطلاقتها إلى مستقبل واعد عزيز.

فعلى الخطيب أن لا يهمل هذا الجانب أو يتهاون فيه، فيكتفي بأن يعمد يوم الجمعة وقبل الخطبة ببضع ساعات إلى كتاب في الوعظ، أو في الحديث، أو إلى تفسير آية فيجمل الكلام في شرح حديث أو تفسير آية، في دقائق معدودة، حتى يصبح ذلك متكررا منه إلى درجة الرتابة المملة، وهيهات أن تكون الطريق إلى القلوب عبر ثقافة ركيكة، أو معلومات ضحلة، أو أسلوب متكرر معاد.

والخطيب الناجح لا يخرج عن كونه أحد الرجلين:

الأول: واع حافظ يقوم بتبليغ ما وعى وما حفظ بأسلوب حكيم، وموعظة حسنة، فينطبق عليه حديث رسول الله بمدحه المشهور: «نضر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه» (١)


(١) حديث صحيح مشهور أخرجه أحمد (١ / ٤٣٧) ، والدارمي (٢٤ المقدمة) ، وأبو داود (٣٦٦٠) ، والترمذي (٥ / ٣٤) ، وابن ماجه (١ / ٨٤) ، وابن حبان (٦٦، ٦٩) ، والخطيب في شرف أصحاب الحديث (ص ١٧- ١٨) ، وابن عبد البر في جامع بيان العلم (ص ٤١- ٤٣) من أحاديث عدد من الصحابة رضي الله عنهم.

<<  <   >  >>