الإخلاص والصدق المقصود به أن يكون الخطيب لا دافع له إلى الخطبة إلا ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى، فلا يحسن الخطبة لأن فلانا سيصلي معه، أو أن فلانا يحب أن يسمعه، أو لكثرة الحضور ونحو ذلك، وإنما يجرد نيته من أي غرض، وأية غاية إلا طمعه فيما عند الله سبحانه وحده.
والإخلاص ليس أمرا هينا، بل يتطلب منه مجاهدة ومجالدة لنفسه حتى يستخلص النية الخالصة من بين الأغراض والحظوظ الأخرى، فتصفو صفاء اللبن من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين.
وللإخلاص ثمرته وبركاته الكثيرة على الخطيب وعلى سامعيه.
ومن ثمرات الإخلاص:
١ - تحقيق طاعة الله تعالى، وامتثال أمره جل وعلا بأن تكون العبادات والطاعات والتقرب له وحده، قال سبحانه:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}[البينة: ٥]
٢ - تحقيق القبول، فإن شروط قبول العمل ثلاثة، وهي: الإيمان بالله تعالى وتوحيده، والإخلاص لله وحده، ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم.
٣ - صدق اللهجة، والصدع بالحق وعدم المداهنة فيه، ومراقبة الله تعالى في كلامه، ولا يتأتى هذا إلا بأن يكون المرء مخلصا لله تعالى.
٤ - ثقته بنفسه، فالخطيب الذي يخلص لله تعالى يكون عظيم الثقة بنفسه لأنه لا يرهب سخط الناس، ولا يرغب فيما عندهم.
٥ - اكتساب ثقة الناس واحترامهم له، ووقوع كلامه في قلوبهم.
قال سفيان بن عيينة رحمه الله: كان العلماء فيما مضى يكتب بعضهم إلى بعض بهذه الكلمات، أي: من أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن أصلح