للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تأدب بهذا الأدب الكريم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من العلماء، والصالحين، المهتدين بهديه، عن أيوب أن رجلا قال لابن عمر: يا خير الناس، وابن خيرهم، فقال ابن عمر: ما أنا بخير الناس، ولا ابن خيرهم، ولكني عبد من عباد الله، أرجو الله وأخافه، والله لن تزالوا بالرجل حتى تهلكوه (١) .

وقال أبو عثمان الشافعي لأحمد بن حنبل: لا يزال الناس بخير ما من الله عليهم بلقائك، فقال له: لا تقل هذا يا أبا عثمان ومن أنا في الناس؟! (٢) .

وقال الخلال: أخبرني أحمد بن الحسين قال: دخلنا على أبي عبد الله فقال له شيخ من أهل خراسان: يا أبا عبد الله، الله الله، فإن الناس يحتاجون إليك وقد ذهب الناس، فإن كان الحديث لا يمكن، فمسائل، فإن الناس مضطرون إليك، فقال أبو عبد الله: إلي أنا؟ واغتم من قوله، وتنفس الصعداء، ورأيت في وجهه أثر الغم.

وقيل له: جزاك الله عن الإسلام خيرا، فقال: قيل لعمر بن عبد العزيز: جزاك الله عن الإسلام خيرا، فقال: لا بل جزى الله الإسلام عني خيرا (٣) .

فعلى الخطيب أن يكون مقتصدا في المدح، وأن لا يجاوز الأدب المشروع فيه سواء أكان الممدوح زعيما، أو قائدا، أو عالما، فليس أجمل ولا أكمل من أدب الإسلام في إنزال الناس منازلهم، وأشد ما يكون المدح إذا جاوز الحد، وكان في الوجه، فإنه لا يؤمن على الحي الفتنة، والله المستعان.

[المبالغة في الذم]

٢ - المبالغة في الذم: قال مطرف لابنه: يا بني الحسنة بين السيئتين يعني بين الإفراط والتقصير، وخير الأمور أوساطها، وشر السير الحقحقة (٤) .


(١) الآداب الشرعية (٣ / ٤٥٦) .
(٢) الآداب الشرعية (٣ / ٤٥٤) .
(٣) الآداب الشرعية (٣ / ٤٥٥) .
(٤) الحقحقة: أسرع السير وأتعبه. وانظر: عيون الأخبار لابن قتيبة (١ / ٤٤٧- ٤٤٨) .

<<  <   >  >>