للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبالغ في تجفيف دموع الأيتام، والأرامل، والمرضى، والمعاقين، وذوي العاهات، وربما كان بعضهم ليس له علم بهؤلاء المحتاجين، ولا يستطيع الوصول إلى مساكنهم، وأماكن وجودهم، فتبرز مهمة الخطيب هنا في تجلية الصورة لهؤلاء الأغنياء، وتوضيح مدى الحاجة، ليقوم كل مسجد بأغنيائه على توفير الاكتفاء الذاتي للحي الذي هو فيه، فيتحقق بهذا خير كبير للحي ثم للمجتمع، وتتجلى صورة التعاون، وسمة التكافل التي هي من خصائص هذه الشريعة العظيمة.

[أمراض القلوب وعلاجها]

أمراض القلوب وعلاجها: من مهمة الخطيب من خلال معايشته للمصلين ومخالطته لهم بالإضافة إلى التعرف على أمراضهم الاجتماعية معرفة أمراضهم النفسية، أي أمراض القلوب، فإن أمراض النفس أفتك، وأدواؤها أخطر.

ولا يصعب على الخطيب أن يستقرئ نفوس من يخالطهم، بما يبدو من معاملتهم، وطريقة مخاطبتهم، ومعاشرتهم للآخرين، فيدرك من يكون منهم لين الجانب متواضعا، ممن عنده قدر من العجب، أو الإعجاب بالنفس، ومن عنده شيء من الغلظة والفظاظة، ومن عنده أريحية للبذل والعطاء، ومن يتمتع بالرفق وحسن الأدب في معاملة الغير، وهكذا فإنه يستطيع أن يصل إلى التشخيص الصحيح لنفوس المخاطبين ليسعى في إيجاد العلاج المناسب لأمراض نفوسهم.

وليعلم الخطيب أن مهمته الأولى من خطبه هي علاج هذه النفوس، وشفاء تلك القلوب من أمراضها، وشحذ الهمم، والارتقاء بها عن الإخلاد إلى الأرض واتباع الهوى والشهوات، ولذا عليه أن يتخير من الموضوعات ما يكون علاجا ناجعا لنفوس المخاطبين، وبلسما شافيا لأدوائهم.

ثم ليعلم أيضا أن خطبة الجمعة ليست مبتوتة مقطوعة الصلة عما قبلها، وما

<<  <   >  >>