للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويجب على من لا قوت له، ولمن تلزمه نفقته، ويقدم الكسب لعياله على كل نفل، وقد يتعين عليه لقوله صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت» ، وهذا الخبر رواه أبو داود، وفي مسلم معناه (١) .

ويكره ترك التكسب مع الاتكال على الناس. . . ويجب التكسب ولو بإيجار نفسه لوفاء ما عليه من دين ونذر وطاعة، وكفارة، ومؤونة تلزمه (٢) .

فعلى الخطيب حين يعرض للكلام على الدنيا، والغنى، والمال، أن يعرض موقف الإسلام من ذلك عرضا كاملا، مبينا متى تذم الدنيا، ومتى لا تذم، ثم لا تكون كل خطبة مركزة على ذم الدنيا، والمال، وعلى الترغيب في الزهد، والحث عليه، بل يعطي كل ذي حق حقه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم حين قيل له: «ذهب أهل الدثور بالأجور. .» {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} [المائدة: ٥٤] (٣) .

وأنقل هنا كلاما نفيسا لابن الجوزي رحمه الله في كتابه القيم (تلبيس إبليس) حيث قال بعد أن ذكر جملة من الأحاديث في كسب المال وحفظه: فهذه الأحاديث مخرجة في الصحاح، وهي على خلاف ما تعتقده المتصوفة من أن إكثار المال حجاب وعقوبة (٤) .

وليوازن بين المصالح بذكر الترغيب في مقامه، والترهيب في مقامه.

[التهويل في تصوير الواقع]

٤ - التهويل في تصوير الواقع، والإخبار عن الأحوال والأحداث المتعلقة بالأمة فيكبرها أحيانا مئات المرات، ويصغرها أحيانا أخرى مئات المرات، وتبرز مظاهر هذا التهويل في أمور منها:

١ - التهويل في وصف حال المسلمين ومدى ضعفهم، فيصل إلى حكم


(١) رواه أبو داود (الزكاة- باب في صلة الرحم ١٦٩٢) ومسلم بلفظ: أن يحبس عمن يملك قوته (٩٩٦) .
(٢) الآداب الشرعية (٣ / ٢٦٥) .
(٣) رواه البخاري (الأذان- ٨٤٣) ومسلم هذا لفظه (المساجد- ٥٩٥) .
(٤) تلبيس إبليس (ص ١٧٩) .

<<  <   >  >>