للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والدعوة بالحكمة، والنظر في أحوال المخاطبين وظروفهم، والقدر الذي بينه لهم في كل مرة حتى لا يثقل عليهم، ولا يشق بالتكاليف قبل استعداد النفوس لها.

والطريقة التي يخاطبهم بها، والتنويع في هذه الطريقة حسب مقتضياتها، فلا تستبد به الحماسة والاندفاع والغيرة، فيتجاوز الحكمة في هذا كله وفي سواه.

والموعظة الحسنة التي تدخل إلى القلوب برفق، وتتعمق المشاعر بلطف، لا بالزجر والتأنيب في غير موجب، ولا يفضح الأخطاء التي قد تقع عن جهل أو حسن نية.

وبالجدال بالتي هي أحسن، بلا تحامل على المخالف ولا ترذيل له وتقبيح، حتى يطمئن إلى الداعي ويشعر أن ليس هدفه هو الغلبة في الجدل، ولكن الإقناع والوصول إلى الحق، والنفس البشرية لها كبرياؤها وعنادها، وهي لا تنزل عن الرأي الذي تدافع عنه إلا بالرفق، حتى لا تشعر بالهزيمة (١) .

إذا مهما كان موضوع خطبة الجمعة الذي يختاره الخطيب فإنه لن يستغني أبدا عن تضمينها الوعظ والتذكير، فبذلك ينفذ الخطيب بإذن الله تعالى إلى قلوب المخاطبين، فيوقظ مشاعرهم ويبصرهم بخطورة ما هم عليه من غفلة أو انحراف.

[الوعظ بالقرآن]

الوعظ بالقرآن: لما كان القرآن موعظة من ربنا جل وعلا، فهو خير ما يعظ به، ويذكر به الخطيب، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربما جعل معظم خطبته قراءة آيات من القرآن، أو قراءة سورة، أو بعض سورة.

وقد تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ سورة " ق " على المنبر إذا خطب الناس. قال النووي: قال العلماء: سبب اختيار " ق " أنها مشتملة على البعث والموت والمواعظ الشديدة، والزواجر الأكيدة (٢) .


(١) في ظلال القرآن (٤ / ٢٢٠٢) .
(٢) شرح صحيح مسلم (٦ / ١٦١) .

<<  <   >  >>