للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت: هذه السورة العظيمة اشتملت على أمور كثيرة، فابتدأت بذكر القرآن {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} [ق: ١] ثم ذكر البعث، ومصائر المكذبين، وما استحقوا من وعيد الله جل وعلا، ثم خلق الإنسان، وعدم خفاء شيء من وساوسه، وأقواله وأفعاله على الله تعالى، ثم ذكر مشاهد من القيامة والجنة والنار، واختتمت السورة بالأمر بالتذكير بهذا القرآن {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} [ق: ٤٥] وأي وعظ أعظم نفاذا إلى القلب من الوعظ بالقرآن.

وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: «كانت للنبي صلى الله عليه وسلم خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكر الناس» (١) .

قال الطبري رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} [ق: ٤٥] يقول تعالى ذكره: فذكر يا محمد بهذا القرآن الذي أنزلته إليك من خاف الوعيد الذي أوعدته من عصاني وخاف أمري.

وساق بإسناده إلى ابن عباس رضي الله عنهما قال: قالوا: «يا رسول الله لو خوفتنا، فنزلت {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} [ق: ٤٥] » ، وعن عمرو بن قيس الملائي رضي الله عنه قال: قالوا: «يا رسول الله لو ذكرتنا، فذكر مثله» (٢) .

ومما تقدم يتبين لنا أهمية اشتمال خطبة الجمعة على الموعظة والتذكير، واشتمالها على آيات من القرآن العظيم، خاصة الآيات التي تتضمن التذكير بلقاء الله جل وعلا، والتخويف من عقابه، والترغيب فيما عنده.

وإن لتلاوة الآيات أثرها في لمس القلوب، وجلاء الصدأ أو الرين الذي تراكم عليها، وفي هتك حجب الغفلة، وإقاظ الفطرة النقية لدى الإنسان.

ثم إن ما يورده الخطيب من آيات في خطبته ينبغي أن يكون في موضوع الخطبة، لتكون مدعمة لخطبته، مؤيدة لفكرته، إلى جانب ما تشتمل عليه من مواعظ وزواجر.


(١) رواه مسلم (٦ / ١٤٩، ١٦٠) .
(٢) (١ / ١ ٤٤٠) وفي الإسنادين أيوب بن سيار أبو عبد الرحمن، وهو متروك الحديث، والثاني: مرسل أيضا.

<<  <   >  >>