للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني سيرة الخطيب وحسن أخلاقه]

المبحث الثاني

سيرة الخطيب وحسن أخلاقه سيرة الخطيب وما يتحلى به من مكارم الأخلاق لها دور كبير في قبول كلامه، واحترام توجيهاته، سواء أكانت هذه السيرة مع أصحابه، وجيرانه، ومن يعاملهم في موقع عمله، أم كانت في بيته، ومع أهله وأسرته، فإن ذلك هو مقياس صدق الخطيب، ومدى احترامه لآرائه ونصائحه.

وليس في مخالفة الخطيب لما يأمر به وينهى عنه مسوغ للآخرين بارتكاب ما حرم الله تعالى، أو تعدي حدوده، لكن ضعاف الإيمان يتخذون ذلك أسوة لهم، ويجعلونه حجة يحتجون بها على من ينصح لهم، فيكون بذلك إثمه مضاعفا، حيث إنه خالف إلى ما نهى عنه، وترك ما كان يأمر به، ثم إنه سهل فعل الحرام وارتكاب المنهيات على ذوي النفوس المريضة، فافتتنوا به حين جعلوه قدوة لهم، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ - كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: ٢ - ٣]

وقال جل وعلا: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [البقرة: ٤٤]

ومن المقت الذي يصيب من يقول ما لا يفعل، ويأتي ما ينهى عنه، ما وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم من جزائه في الآخرة.

عن أسامة بن زيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يؤتى بالرجل يوم القيامة، فيلقى في النار، فتندلق أقتاب بطنه، فيدور بها كما يدور الحمار في الرحا، فيجتمع إليه أهل النار، فيقولون: يا فلان ما لك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر

<<  <   >  >>