للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنه لم يسمع فوعظهن (أي: النساء) وأمرهن بالصدقة. . .» الحديث (١) .

(ج) أمر الله تعالى بالدعوة إليه بالحكمة " والموعظة الحسنة " والجدال بالتي هي أحسن: قال جل وعلا: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: ١٢٥] فالدعوة المكتملة في أسلوبها ووسائلها لا تستغني عن الموعظة الحسنة، لما للموعظة من تأثير على النفوس، وتحريك للقلوب والمشاعر، فلا يكفي إخبار الناس بالحق مجرد إخبار وإعلام، بل لا بد من دفعهم إلى التزامه واتباعه، والاقتناع به، وأجدى سبيل إلى ذلك أن تكون الدعوة إليه بهذه الأمور الأساسية الثلاثة:

١ - الحكمة: وهي مراعاة الحق والاعتدال في الخطاب.

٢ - الموعظة الحسنة: وهي التي تنفذ إلى شغاف القلوب ترغيبا وترهيبا.

٣ - المجادلة بالتي هي أحسن: أي دون تعسف ولا عنف أو تحامل.

وقال ابن جرير: {إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ} [النحل: ١٢٥] يقول: إلى شريعة ربك التي شرعها لخلقه، وهو الإسلام {بِالْحِكْمَةِ} [النحل: ١٢٥] يقول: بوحي الله الذي يوحيه إليك، وكتابه الذي نزله عليك {وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: ١٢٥] يقول: وبالعبر الجميلة التي جعلها الله حجة عليهم في كتابه وذكرهم بها في تنزيله.

{وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: ١٢٥] يقول: وخاصمهم بالخصومة التي هي أحسن من غيرها أي تصفح عما نالوا به عرضك من الأذى، ولا تعصه في القيام بالواجب عليك من تبليغهم رسالة ربك (٢) .

وقال صاحب الظلال: إن الدعوة دعوة إلى سبيل الله، لا لشخص الداعي ولا لقومه، فليس للداعي من دعوته إلا أن يؤدي واجبه لله، لا فضل له يتحدث به، لا على الدعوة ولا على من يهتدون به، وأجره بعد ذلك على الله.


(١) رواه البخاري (العلم- باب عظة الإمام النساء٩٨) .
(٢) تفسير ابن جرير (٧ / ٦٦٣) .

<<  <   >  >>