للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما بينه وبين الله عز وجل أصلح الله ما بينه وبين الناس (١) .

فالإخلاص عظيم البركة والنفع للإنسان، وعلى الخطيب أن يجاهد نفسه عليه، فإن موقعه مخوف، ومنزلته محفوفة بخطر الرياء والسمعة، حيث إنه يخطب على مرأى ومسمع من الناس، ومن مجاهدته لتحصيل الإخلاص في هذا:

(أ) أن يراقب نيته قبل العمل، أي عند إعداد الخطبة وتحضيرها ينظر إلى نيته، فإذا رأى اعوجاجا في القصد قومه وأصلحه، وألزم نفسه الصدق مع الله تعالى والإخلاص في طاعته، فإن أحس أنه يضيف بعض العبارات، أو يحذف بعض الجمل من أجل إرضاء فلان، أو من أجل إسخاط فلان، أو أنه يتكلم في موضوع معين لحظ من حظوظ نفسه، أو لمطمع من مطامع الدنيا، فليقبل على نفسه فيذكرها الله تعالى، ويخوفها من الرياء والعجب، وليكن صادقا حازما في محاسبتها ولا يداهنها ولا يلاينها في هذا الأمر.

(ب) أن يراقب قلبه، ويحاسب نفسه في أثناء العمل، حتى يضمن أنه على الطريق المستقيم، فإن لمس في نفسه تطلعا إلى غير ثواب الله تعالى، والتفاتا إلى غير مولاه، تذكر فاستغفر وأبصر {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: ٢٠١]

وإذا شعر أنه إنما يرفع من صوته، أو يغير من نبرته، أو يكرر العبارة، أو غير ذلك من أجل إرضاء الحضور أو بعضهم بادر إلى تصحيح نيته، وتقويم قصده.

(ج) محاسبة نفسه وتقويمها بعد الخطبة، فإن وجد خيرا حمد الله تعالى على توفيقه، وإن وجد غير ذلك عزم على تدارك أمره، وإصلاح خطئه.

"وورود الرياء بعد الفراغ من العمل لا يحبطه، لأنه قد تم على نعت الإخلاص فلا ينعطف ما طرأ عليه بعده، لا سيما إذا لم يتكلف هو إظهاره والتحدث به، فأما إن تحدث به بعد فراغه وأظهره فهذا مخوف، والغالب عليه


(١) الآداب الشرعية (١ / ١٣٦) .

<<  <   >  >>