للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنه كان في قلبه وقت مباشرة العمل نوع رياء، فإن لم يسلم من الرياء نقص أجره، فإن بين عمل السر والعلانية سبعين درجة، ووجود الرياء قبل الفراغ من العبادة إن كان مجرد سرور لم يؤثر في العمل، وإن كان باعثا على العمل. . . فهذا يحبط الأجر (١) .

عن أبي ذر رضي الله عنه قال: «قيل: يا رسول الله أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير فيحمده الناس عليه؟ قال: تلك عاجل بشرى المؤمن» (٢) .

لكن ينبغي أن يكون فرحه بتوفيق الله تعالى له، وبإظهار الجميل من أحواله لا بحمد الناس له، فأما إذا أعجبه ليعلم الناس منه الخير، ويكرموه عليه فهذا رياء (٣) .

الخطيب من أولى الناس مطالبة بالإخلاص لله تعالى، لأنه ربما رأى مقامه وهو يخطب المئات، ويعلمهم ويذكرهم فيرى أن له فضلا عليهم، وتقدما دونهم، فتحمله نفسه على العجب، والتعالي، والغض من قدر غيره ونسبتهم إلى الجهل، فالإخلاص لله تعالى يعرفه قدر نفسه، ويقيه شرها، ومن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة الحاجة أنه كان يبتدئ الخطبة بقوله: «إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له» . . . الحديث " (٤) .

وهي كلمات عظيمة، وافتتاحية جليلة، يبتدئ بها الخطبة، فليتدبر الخطيب هذه الكلمات، ولا يجريها على لسانه دون وعي لمضمونها، فإن فيها نسبة الحمد


(١) الآداب الشرعية (١ / ٣٢) .
(٢) رواه مسلم (البر والصلة- ٢٦٤٢) .
(٣) انظر: المصدر السابق.
(٤) أخرجه الترمذي وحسنه (النكاح - ١١٠٥) ، والنسائي (الجمعة -٣ / ١٠٥) ، وابن ماجه (١٨٩٢) ، وأبو داود (النكاح - ٢١١٨) وإسناده جيد.

<<  <   >  >>