للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأن معاذا إنما أراد تجديد الإيمان، لأن العبد يؤمن في أول مرة فرضا، ثم يكون أبدا مجددا كلما نظر أو فكر.

قال الحافظ: وما نهاه أولا أثبته آخرا، لأن تجديد الإيمان إيمان (١) .

وفي الحديث أيضا عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب، فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم» (٢) .

فعلى الخطيب أن لا يغفل علاج القلوب، والتذكير الدائم به إما بالعودة إليه بين الحين والحين، أو بالتذكير به في خطبه مهما كان موضوعها، فإنه لا يصعب عليه أن يقيم علاقة بين موضوعه الأساسي وبين التذكير بما يوقظ القلوب وينبه المشاعر، ويجدد الإيمان، فإن هذا هدف في حد ذاته فإن القلوب هي التي تتلقى عنه، فإذا تهيأت وتأثرت وعمرت بالإيمان سهل عليه الإصلاح والتغيير، وإذا صلحت الأعمال صلحت الأحوال، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب» (٣) .

قال ابن حجر: وفيه تنبيه على تعظيم قدر القلب، والحث على صلاحه، والإشارة إلى أن لطيب الكسب أثرا في ذلك. اهـ (٤) .

تقويم انفعالات المخاطبين: وعلى الخطيب متابعة تقويم الانفعالات عند المخاطبين، وتلمس أثر الخطب في تغيير سلوكهم، إقامة علاقاتهم، وحل مشكلاتهم، ومدى التغير الذي وقع في عاداتهم، ومعاملاتهم، ومدى الحماسة التي سرت في نفوسهم، ودرجة الإقبال على الطاعات، والغيرة على الحرمات، وتعظيم شعائر الله تعالى، ودرجة الابتعاد


(١) فتح الباري (١ / ٦٣) .
(٢) رواه الطبراني في الكبير، قال الهيثمي (المجمع- / ١٥٢) : إسناده حسن.
(٣) رواه البخاري (الإيمان- ٥٢) ، ومسلم (المساقاة- ١٥٩٩) .
(٤) الفتح (١ / ١٥٦) .

<<  <   >  >>