للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخاصة التاسعة: الإنصات للخطبة إذا سمعها وجوبا في أصح القولين، فإن تركه كان لاغيا، ومن لغا فلا جمعة له (١) .

هذه النصوص وغيرها تضمن للخطيب جمهورا متفرغا مستمعا منصتا، يعطيه أذنه ووعيه، فعليه أن يتقي الله تعالى، فيحفظ أمانة الكلمة، وأمانة النصيحة التي يوصلها إليه، وليكن جادا في موضوعاته ساميا في اهتماماته، وعليه أن يكون أكثر الناس إحساسا بأهمية الموضوع، والحاجة إليه بحيث يدرك فيه من يسمعه صدق اللهجة، وقوة العاطفة، وشدة التحرق لحال أمته، ويلمس فيه سعة الاطلاع والإلمام بأحوال المسلمين في العالم الإسلامي، وما ينوء به واقعهم من مشكلات، ومدى الكيد والعداوة المتربصة بهم، مع الإلمام بحال البلد الذي يعيش فيه، والحي الذي يقطنه.

وذلك دون أن يخل بالغرض الأساسي من الخطبة، وهو العظة والتوجيه، وتقوية الإيمان في القلوب، وزرع الثقة في النفوس، والتذكير بسنن الله تعالى في عباده، ومنته عليهم، والتحذير من بطشه وأخذه.

إن من الخطأ الواضح أن يظن بعض الخطباء، وخاصة المتطوعون منهم أن الخطابة كلمات تقال في دقائق معدودة ثم ينتهي الأمر، أو أنهم يتصدقون على الناس بتلاوة آية قرآنية، أو حديث نبوي، فيفسرون الآية، ويشرحون الحديث بلغة ركيكة، أو أسلوب ضعيف، ثم على الناس أن يسمعوا ويطيعوا، وعليهم أن ينصرفوا من الخطبة وقد تغيرت حياتهم وأحوالهم.

ومما ينبغي أن يعد له الخطيب العدة ما قد يطرأ من طارئ مفاجئ، كأن تحدث جلبة أو صراخ في المسجد أثناء الخطبة، أو يصرخ أحد الحضور إعجابا أو انتقادا للخطبة، أو غير ذلك. فليكن دقيق الملاحظة، سريع المعالجة، حاضر البديهة، فليس هناك طريقة محددة لعلاج مثل هذا الموقف، ولكن تدارك الأمر يفرضه ظرف الحدث، وملابساته.


(١) ابن القيم، زاد المعاد (١ / ٣٧٧) .

<<  <   >  >>