وأما قوله تعالى:{رَفَعَ سَمْكَهَا}(النازعات: ٢٨)، فمعناه: جعل ارتفاعها عظيمًا إشارة إلى أن المسافات الفلكية المذهلة، التي تقدر بعشرات البلايين من السنين الضوئية.
وقوله تعالى:{وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وأَخْرَجَ ضُحَاهَا}(النازعات: ٢٩)؛ أي: أَظْلَم ليلها، أو أُظْلم ليلها، أو أظلم الله ليلها، وجعله حالك السواد {وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا}؛ أي: أنار نهارها بخلق النجوم مثل شمسنا وسط ظلام السماء الحالك، فأرسلت بضيائها إلى أرضنا في وضح النهار، فقامت هباءات الغبار وبخار الماء في الجزء السفلي من الغلاف الغازي للأرض بتشتيت ضوء الشمس، وإظهاره بهيئة النور الأبيض الذي نراه في نهار الأرض.
وبعد ذلك تذكر الآيات الكريمة أنه قد تم دحو الأرض الابتدائية إلى شكلها الحالي بأغلفتها المختلفة، والدحو لغة: هو المد والبسط والإلقاء، وهي كناية عن الثورانات البركانية العنيفة، التي أخرج بها ربنا سبحانه من جوف الأرض كلًّا من غلافها الغازي، والمائي، والصخري.
وهذه كلها مراحل متتالية في تهيئة الأرض لاستقبال الحياة، وقد تمت بعد بناء السموات السبع من الدخان الكوني الناتج عن عملية فتق الرتق والانفجار الكوني العظيم.
علوم الكون وخلق السموات والأرض
من بديع القدرة الإلهية، ومن الشهادات الناطقة لله تعالى بالوحدانية المطلقة فوق جميع خلقه بغير شريك، ولا شبيه، ولا منازع: أن يلتقي الكون في أكبر وحداته مع الكون في أدق دقائق، فيلتقي علم الكون الحديث بعلم الفيزياء الجزيئية، أو فيزياء الجسيمات الأولية للمادة في وحدة واحدة، فدراسات الجسيمات الأولية في داخل الذرة، بدأت تعطي أبعادًا مبهرة لتفهم عملية خلق الكون، ومراحله المختلفة.