نأتي بعد ذلك إلى قول الله تعالى:{أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا}(النبأ: ٦، ٧):
هاتان الآيتان الكريمتان جاءتا في مقدمات سورة النبأ، وهي سورة مكية، وعدد آياتها أربعون آية، ويدور محورها حول قضية العقيدة، والعقيدة هي تلك القضية الغيبية التي لا يمكن للإنسان أن يصل فيها إلى تصور صحيح بغير هداية ربانية، ومن هنا كانت من قواعد الدين الذي من لوازم صحته أن يكون وحي ً ارباني ًّ اخالص ً الا يداخله أدنى قدر من التصورات البشرية.
ومن أصول العقيدة الإسلامية الإيمان بالبعث وبالحساب والجزاء وبالخلود في حياة قادمة إما في الجنة أبدا أو في النار أبدا، والإيمان بالبعث هو موضوع سورة النبأ ومحورها الأساسي، وذلك لأن إنكار البعث كان حجة كفار قريش كما كان حجة الكفار والمتشككين عبر التاريخ في نبذهم للدين كفرا برب العالمين، وجهلا بطلاقة قدرته التي لا تحدها حدود، أو قياس ً اللقدرة الإلهية بقدرات البشر المحدودة ظلما وعدوانا وجهلا بمدلول الألوهية الحقة، ومن ثم عجز الكافرون عن تصور إمكانية البعث أو تعاجزوا عنه؛ انصياع ً الشهواتهم التي يرون ممارستها دون أدنى مسئولية أو مساءلة، فانطلقوا في إنكار البعث وما يستتبعه من الحساب والجزاء، وفي التشكيك في كل ذلك، وهو من صلب الدين الذي جاء به آلاف من الأنبياء ومئات من المرسلين، وتكامل في بعثة النبي والرسول الخاتم - صلى الله وسلم وبارك عليه.
ومن أجل التأكيد على حقيقة البعث بعد الموت، وما يستتبعه من حساب وجزاء ابتدأت سورة النبأ باستنكار تساؤل الكافرين عنه تساؤل المنكر له أوالمتشكك في