والتقلب في أنحائها وجعلنا الجبال أوتادا للأرض تثبتها، وفي تعليق هامش أضافوا ما نصه: يبلغ سمك الجزء الصلب من القشرة الأرضية نحو ٦٠ كيلو متر ً ا، وتكثر فيه التجاعيد فيرتفع حيث الجبال وينخفض ليكون بطون البحار وقيعان المحيطات، وهو في حالة من التوازن بسبب الضغوط الناتجة من الجبال، ولا يختل هذا التوازن إلا بعوامل التعرية فقشرة الأرض اليابسة ترسيها الجبال كما ترسي الأوتاد الخيم ة.
وذكر صاحب (صفوة التفسير) - بارك الله فيه - ما نصه:{أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا}؛ أي ألم نجعل هذه الأرض التي تسكنونها ممهدة للاستقرار عليها والتقلب في أنحائها، وجعلناها لكم كالفراش والبساط لتستقروا على ظهرها وتستفيدوا من سهولها الواسعة بأنواع المزروعات، {وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا}؛ أي وجعلنا الجبال كالأوتاد للأرض تثبتها لئلا تميد بكم كما يثبت البيت بالأوتاد، فالله - سبحانه وتعالى - شبه الجبال بالأوتاد؛ لأنها تمسك الأرض أن تميد.
من الدلالات العلمية للآيتين الكريمتين
من الدلالات العلمية للآيتين الكريمتين، وهما: قول الله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا}.
أول ًَ ا: في قول الحق - تبارك وتعالى -: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا} استضاءة ب مفهوم ت حرك ألواح الغلاف الصخري للأرض، وصلت الدراسات الحديثة في هذا المجال إلى أن الأرض بدأت بمحيط غامر، ثم بتصدع قاع ذلك المحيط واندفاع ملايين الأطنان من الصهارة الصخرية عبر تلك الصدوع بدأ تحرك الألواح الصخرية المكونة لذلك القاع متباعدة عن بعضها البعض في أحد أطرافها، ومصطدمة في الأطراف المقابلة، ومنزلقة عبر بقية الأطراف، ونتج عن ذلك تكون أعداد من أقواس الجزر البركانية عند الأطراف المتصادمة، ثم نمت تلك الجزر البركانية بالتدريج إلى القارة الأم أو أم القارات التي تفتت بشبكة هائلة من الصدوع إلى القارات السبع التي نعرفها اليوم.
وظلت هذه القارات في الاندفاع متباعدة عن بعضها البعض حتى وصلت إلى أوضاعها الحالية التي لا تزال تتزحزح عنها إلى اليوم، وباستمرار هذه العملية تمايزت ألواح الغلاف الصخري للأرض إلى الألواح المحيطية وتلك القارية، وبتصادم ألواح قيعان المحيطات بكتل القارات تكونت سلاسل الجبال الشبيهة