(من قواعد التفسير العلمي - الإعجاز العلمي للقرآن الكريم)
القواعد التي يجب أن تُراعى عند تفسير القرآن تفسيرًا علميًا
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فبينا أن الذين رفضوا التفسير العلمي رفضًا مطلقًا ليسوا على صواب، وكذلك المتساهلون في التفسير العلمي ليسوا على صواب، لكن لا مانع أن نفسر القرآن الكريم تفسيرًا علميًّا، لكن بحسب قواعد وضوابط يلتزم بها المفسر، وهو يفسر القرآن بالعلوم الحديثة؛ فلا بد أن يراعي هذه القواعد. نذكر من هذه القواعد:
أولًا: هذه النزعة التفسيرية محفوفة بالمخاطر صعبة المراس فيجب أن تؤخذ بالكثير من الحيطة والحذر، والتسلح بالعلوم الدينية والدنيوية معًا فلا يقتصر اهتمام أصحابها على ما برعوا فيه من علم دنيوي فقط؛ لأنهم أمام أخطرِ عملٍ يمارسه الإنسان ألا وهو بيانُ كتاب الله -سبحانه وتعالى-.
ثانيًا: القرآن كتاب هداية إلى أحسن حال، وأعظم مآل، وقد نزل ليضع الخطوط العريضة لهذا الحال وذاك المآل، وليس من وظيفة القرآن التعرض لتفاصيل العلوم الدنيوية؛ فتلك متروكة للناس واجتهادهم، كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- للناس:((إن كان شيئًا من أمرِ دنياكم، فشأنكم به، وإن كان من أمر دينكم فإليَّ)) أخرجه ابن ماجه في كتاب الرهون باب ١٥. لكننا نجد في القرآن لفتاتٍ علميةً تزرع في قلب المتشكك اليقين، وتزيد المؤمن إيمانًا على إيمانِهِ، فالقرآنُ منهجٌ إلهي لسعادة الفرد، وسلامة المجتمع فيه لفتات علميةٌ تخاطب العقل؛ لتثبت له أنه وحي يوحى من عند الله، لفتات كونية، وأخرى طبيعية، وغيرها أنزلت على قلب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- لتكون معجزات ٍ خالدةً على مرِّ الزمان تثبِّت الإيمان بالله، وتزيد من يقين المؤمن بكتاب الله، وترفع دعائمَ بناءٍ شامخٍ في القلب والفكر على أن سيدنا محمدًا الأمي صدقًا وحقًّا رسول من عند الله.