(شرح قو ل الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ ... })
المعاني اللغوية وأقوال المفسرين حول الآية
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
سنتعرض لأسرار المصب والحاجز بين النهر والبحر في القرآن الكريم؛ قال تعالى:{وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا}(الفرقان: ٥٣).
المعاني اللغوية وأقوال المفسرين في الآية. .
{مَرَجَ} يأتي بمعنيين بارزين، الأول: الخلط: قال تعالى: {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ}(ق: ٥)، وجاء في (لسان العرب){أَمْرٍ مَرِيجٍ}؛ أي: مختلط، وقال الأصفهاني في (المفردات): "أصل المرج الخلط"، وقال الزبيدي:"ومرج الله البحرين العذب والمالح، خلطهما حتى انتقيا"، وقال الزجاج:" {مَرَجَ} خلط؛ يعني: البحر المالح، والبحر العذب". وقال ابن جرير الطبري:"والله الذي خلط البحرين فأمرج أحدهما في الآخر وأفاضه فيه، وأصل المرج الخلط، ومنه قول الله تعالى:{فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ}؛ أي: مختلط". وروي عن ابن عباس في قوله تعالى:{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ}؛ يعني: خلع أحدهما على الآخر. وعن مجاهد: أفاض أحدهما على الآخر. وعن الضحاك بمثل قول ابن عباس، وذهب إلى هذا المعنى جمهور من المفسرين، منهم القرطبي، أبو حيان الألوسي، الخازن، الرازي، الشوكاني، الشنقيطي.
المعنى الثاني: مجيء وذهاب واضطراب، قال ابن فارس في معجم (مقاييس اللغة): "الميم والراء والجيم أصل صحيح يدل على مجيء وذهاب واضطراب، وقال: مرج الخاتم في الأصبع يعني: قلق، وقياس الباب كله، ومنه حديث