يريده، ولكننا كلنا نتوحَّد في السمع، حين نريد وما لا نريد أن نسمع، ومن هنا جاءت كلمة الأبصار، بينما توحَّدت كلمة السمع ولم تأت كلمة الأسماع، على أن الأذن مفضلة على العين؛ لأنها لا تنام، والشيء الذي لا ينام أرقى في الخلق من الشيء الذي ينام، فالأذن لا تنام أبدًا منذ ساعة الخلق؛ إنها تعمل منذ الدقيقة الأولى للحياة، بينما باقي أعضاء الجسم بعضها ينتظر أيامًا وبعضها ينتظر سنوات، والأذن لا تنام، فأنت حين تكون نائمًا تنام كل أعضاء جسمك، ولكن الأذن تبقى متيقظة، فإذا أحدث أحد صوتًا بجانبك وأنت نائم، قمت من النوم على الفور، ولكن إذا توقفت الأذن عن العمل؛ فإن ضجيج النهار وأصوات الناس، وكل ما يحدث في هذه الدنيا من ضجيج لا يوقظ النائم؛ لأن آلة الاستدعاء وهي الأذن معطلة.
كما أن الأذن هي آلة الاستدعاء يوم القيامة حين يُنفخ في الصور، والعين تحتاج إلى نور حتى ترى،؛ تنعكس الأشعة على الأشياء ثم تدخل إلى العين فترى، فإذا كانت الدنيا ظلامًا فإن العين لا ترى، ولكن الأذن تؤدِّي مهمتها في الليل والنهار، في الضوء والظلام، والإنسان متيقظ والإنسان نائم، فهي لا تنام أبدًا ولا تتوقف أبدًا.
ذكر السمع قبل البصر في القرآن الكريم والحديث الشريف
ذكر السمع قبل البصر في آيات خلق الإنسان في القرآن الكريم والحديث.
عظَّم الله -سبحانه وتعالى- حاسَّتي السمع والبصر، عندما وصف ذاته العليَّة في أول سورة الإسراء، فقال:{إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}(الإسراء: ١)، وقد خصَّ الله تعالى هاتين الحاستين بالذكر، في العديد من آيات القرآن؛ لأنهما أدوات تلقي الإيمان وقبول الهداية، وقد تلقى كليم الله رسالته بحاسة السمع، وقد جاء ذكر السمع قبل البصر في العديد من آيات القرآن، ولكن في حالة سلب النعمة يوم الحساب - كما قال علماء الدين - يأتي ذكر البصر مقدمًا على السمع.