الحمد لله، والصلاة والسلام عل ى سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
سنشرح قول الله تعالي:{وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ}(الطور: ٦).
هذا القسم بالبحر المسجور ضمن قسم لخمس من آيات الله في الخلق على حتمية وقوع العذاب بالمكذبين بالدين الخاتم، وعل ى أنه لا دافع أبدا لهذا العذاب عنهم، جاء هذا القسم القرآني العجيب في مطلع سورة الطور، وسورة الطور مكية وعدد آياتها ٤٩ آية، ويدور محورها الرئيسي حول قضية العقيدة بأبعادها المختلفة من الإيمان بالله الواحد الأحد الفرد الصمد، وبملائكته وكتبه ورسله، وبالبعث والجزاء، وبالخلود في الآخرة إما في الجنة أبدا أو في النار أبدا؛ شأنها في ذلك شأن كل السور التي أنزلت بمكة المكرمة.
وتبدأ السورة بعد هذا القسم بمشهد من مشاهد الآخرة فيه استعراض لحال المكذبين برسالة خاتم الأنبياء والمرسلين -صل ى الله عليه وسلم- وهم يدفعون من ظهورهم إ لى نار جهنم دفعا، وقد كانوا من المكذبين بها، ثم تنتقل الآيات إ لى استعراض حال المتقين وهم يتنعمون في جنات النعيم ثوابا لهم على الإيمان بالله وتقواه.
وتنتهي السورة بخطاب إلى النبي الخاتم والرسول الخاتم -صلى الله عليه وسلم- يحثه على المضي في دعوته إلى عبادة الله الخالق وحده بغير شريك ولا شبيه ولا منازع ولا صا حبة ولا ولد، مهما ل اقاه في ذلك من مصاعب في مواجهة الكم الهائل من مؤامرات المتآمرين وكيد المكذبين وعنتهم، الذين يتهددهم الله تعالى بما سوف يلقونه من صنوف العذ اب يوم القيامة بل وبعذاب قبل ذلك في الحياة الدنيا.
ويأتي مسك الختام بمواساة وتعضيد لرسول الله - صل ى الله عليه وسلم - في صورة تكريم لم يسبق لنبي من الأنبياء ولا لرسول من الرسل أن نال من الله تكريما مثله، وذلك بقول