الحق - سبحانه - موجها الخطاب إليه -صلى الله عليه وسلم- يقول تعالي:{وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ * وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ}(الطور: ٤٨، ٤٩).
والآيات الست التي سبق بها القسم في مطلع سورة الطور هي على التوالي، {وَالطُّورِ}(الطور: ١)؛ وهو الجبل المكسو بالأشجار، والجبل غير المكسو بالخضرة لا يقال له طور، وإنما يقال له: جبل إذا كان شاهق الارتفاع بالنسبة للتضاريس حوله، ويسمى تل ًّ اإذا كان دون ذلك، وتليه الأَكْ ن ة أو الربوة أو النتوء الأرضي، ويلي هـ النجد أو الهضبة، ويلي ذلك السهل من تضاريس الأرض.
والمقصود بالقسم القرآني بالطور هنا هو على الرأي الأرجح طور سيناء الذي كلم الله تعالى عنده موسى - عليه السلام - والذي نزلت عليه الألواح، وأقسم الله بطور سيناء هذا؛ تكريم ً اله، وتذكيرا للناس بما فيه من الآيات والأنوار والتجليات والفيوضات الإلهية مما جعله بقعة مشرفة من بقاع الأرض لاختيار الله تعالى له وتجليه عليه.
والآية الثانية التي جاء بها القسم؛ هي قول الله تعالى:{وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ}(الطور: ٢) وقيل فيه: إ نه اللوح المحفوظ، وقيل: إنه القرآن الكريم الذي ختم الله - سبحانه - به وحي السماء، وقيل: هو التوراة التي تلقاها نبي الله موسي - عليه السلام - في الألواح التي أنزلت على جبل الطور، وقيل: هو إشارة إلى جميع الكتب التي أنزلها ربنا - سبحانه - على فترة من الرسل بلغ عددهم ثلاثمائة وبضعة عشر، كما أخبرنا المصطفى - عليه السلام -؛ لأن أصلها واحد ورسالتها واحدة.
كذلك قيل في قول ربنا - تبارك وتعالى -: {وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ}(الطور: ٢) إنه صحائف أعمال العباد.
والقَسم الثالث جاء بالصيغة {فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ}(الطور: ٣)، والرق هو جلد رقيق يكتب فيه، وقد يشير إلى الورق الذي يكتب عليه وإلى الألواح التي ينقش فيه؛