قال ابن عباس:"الطالب الصنم والمطلوب الذباب ". واختاره ابن جرير وقال السدي وغيره:"الطالب العابد والمطلوب الصنم ". وجاء في (الظلال) رحم الله كاتبها برحمته الواسعة جزاء ما قدم ما مختصره يقول صاحب (الظلال): "إنه النداء العام والنفير البعيد الصدى يا أيها الناس، فإذا اجتمع الناس على النداء أعلنوا أنهم أمام مثل عام يضرب لا حالة خاصة ولا مناسبة حاضرة ".
ضرب مثل فاستمعوا له، هذا المثل يضع قاعدة ويقرر حقيقة: إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له، كل من تدعون من دون الله من آلهة مدعاة من أصنام وأوثان ومن أشخاص وقيم وأوضاع، تستنصرون بها من دون الله وتستعينون بقوتها وتطلبون منها النصر والجاه كلهم لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له، والذباب صغير حقير.
ولكن هؤلاء الذين ي دعونه آلهة لا يقدرون ولو اجتمعوا وتساندوا على خلق هذا الذباب الصغير الحقير، وخلق الذباب مستحيل كخلق الجمل والفيل؛ لأن الذباب يحتوي على ذلك السر المعجز سر الحياة، فيستوي في استحالة خلقه مع الجمل والفيل، لكن الأسلوب القرآني المعجز يختار الذباب الصغير الحقير؛ لأن العجز عن خلقه يلقي في هذا الحس ذل الضعف أكثر مما يلقيه العجز عن خلق الجمل والفيل دون أن يخل هذا بالحقيقة في التعبير، وهذا من بدائع الأسلوب القرآني العجيب.
ثم يخطو خطوة أوسع في إبراز الضعف المزري {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ} والآلهة المدع اة لا تملك استنقاذ شيء من الذباب حين يسلبها إياه؛ سواء كانت أصناما أو أوثانا أو أشخاصا، وكم من عزيز يسلبه الذباب من الناس ف لا يملكون رده.