سلبت منه ما تستطيع وهربت بسرعة فائقة كما يفعل اللصوص، فإن كان ما سلبته شرابا امتصته بواسطة خرطومها ليصل إلى جهازها الهضمي، المزود بالقدرة على إفراز الخمائر القادرة على هضمه، وتمثيله تمثيلا كاملا في ثوان معدودة، وبذلك لا يمكن استنقاذه منها.
أما إذا كان الطعام صلبا فإن الذباب المنزلي تفرز عليه من بطنها عددا من الإنزيمات والعصائر الهاضمة، بالإضافة إلى لعاب، وهذه تبدأ في إذابة ما تقع عليه من الطعام الصلب فورا، مما يمكن الذباب من امتصاصه بخرطومها وبأجزاء فمها ذات الطبيعة الإسفنجية، ومن ثم لا يمكن استرجاعه أبدا أو استنقاذه بأي حال من الأحوال.
وحتى الذباب الذي يعيش على امتصاص بعض رحائق الأزهار، أو امتصاص دماء غيره من الحشرات فإنه يقوم بتحقيق ذلك بواسطة خرطوم الفم الماص وأجزائه الإسفنجية المهيأة لذلك.
هذا بالإضافة إلى أن جسم الذبابة مغطى بزغب كثيف متداخل يغطي كلا من رأسها وصدرها وبطنها وأرجلها الست وأقدامها وجناحيها، فإذا غطت نفسها في سائل من السوائل أو مسحوق من المساحيق حمل هذا الزغب منه ما لا يمكن استنقاذه أبدا.
ثانيا: في قوله تعالى: {ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ}(الحج: ٧٣) من الثابت علميًّا أن البشرية كلها عاجزة كل العجز عن خلق خلية واحدة في الزمن الراهن؛ زمن التقدم العلمي والتقني المذهل غير المسبوق في تاريخ البشرية كله، وهي بالتالي أعجز عن خلق ذبابة واحدة.