الحديثة لو تدبر القرآن، وأحكم النظر فيه، وكان بحيث لا تعوزه أداة الفهم، ولا يلتوي عليه أمر لاستخرج منه إشارات كثيرة تومئ إلى حقائق العلوم، وإن لم تبسط من أنبائها وتدل عليها وإلم تسمها بأسمائها.
ثم يقول: وقد أشار القرآن إلى نشأة هذه العلوم، وإلى تمحيصها وغايتها على ما وصفناه آنفًا، وذلك قوله تعالى:{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}(فصلت: ٥٣). ولو جمعت أنواع العلوم الإنسانية كلها ما خرجت في معانيها من قوله تعالى:{فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ}، هذه آفاق وهذه آفاق أخرى، فإن لم يكن هذا التعبير من الإعجاز الظاهر بداهة، فليس يصح في الأفهام شيء".
ثم نجد كتابًا آخر عنوانه (الإسلام والطب الحديث) للدكتور عبد العزيز السباعي الطبيب المعروف:
هذا الكتاب يظهر فيه أن مؤلفه ينحاز إلى هذا اللون من ألوان التفسير وهو التفسير العلمي. هذا الكتاب جمع فيه مؤلفه مقالاته التي نشرها في مجلة الأزهر، وهو مطبوع بمطبعة الاعتماد سنة ١٣٥٧ هـ، وفيه نجد المؤلف -رحمه الله- يقرر أن القرآن ليس بكتاب طب أو هندسة أو فلك، ولكنه يشير أحيانًا إلى سنن طبيعية، ترجع إلى هذه العلوم.
كما يقرر أن كثيرًا من آيات القرآن لا يفهم شيئًا من معناها الحقيقي، إلا من درس العلوم الحديثة، كما يؤكد أن العلم الحديث كشف عن معنى بعض الآيات، وسينكشف الباقي منها كلما تقدمت العلوم، ثم يأتي وقت يكون فيه العلماء الماديون أقرب الناس إلى الدين. وفي هذا اتهام للصحابة، ومن جاء بعدهم من سلف الأمة بأنهم لم يفهموا المعاني الحقيقية لبعض الآيات القرآنية؛