وقد أثبتت الدراسات الفلكية أن لمحور دوران الأرض عددًا من الحركات الترنحية التي تستغرق أوقاتًا مختلفة يبلغ أقصرها عشرة أيام، ويبلغ أطولها ١٨.٦ من سنيننا التي نعرفها، ووجود الجبال ذات الجذور الغائرة في الغلاف الصخري للأرض يُقلِّل من شدة ترنح الأرض في دورانها حول محورها، ويجعل حركتها أكثر انتظامًا وسلاسة تمامًا، كما تفعل قطع الرصاص التي توضع حول إطار السيارة لانتظام حركتها، وقلة رجرجتها، وبذلك أصبحت الأرض مؤهلة للعمران.
وهنا يتضح وجه من أوجه الإعجاز العلمي في القرآن الكريم الذي أُنزل من قبل ألف وأربعمائة سنة على نبي أمي، وفي أمة كانت غالبيتها الساحقة من الأميين، وذلك في قول الله:{وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا}، وقد تكرر هذا المعنى في تسعة مواضع أخرى من كتاب الله وصفت فيها الجبال بأنها رواسي، وهذه الآيات الكريمة يقول فيها ربنا - تبارك وتعالى:{وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}(الرعد: ٣)، وقوله تعالى {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ}(الحجر: ١٩)، وقوله تعالى:{وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}(النحل: ١٥)، وقوله تعالى:{أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}(النمل: ٦٢)، وقوله تعال ى:{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ}(لقمان: ١٠)، وقوله تعالى {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ}(فصلت: ١٠)، وقوله تعال ى: {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا