أعقبها نزول المطر مباشرة؛ وهو أمر لا يعرف إلا بدراسة ما يجري داخل السحب من تيارات وقطرات مائية، وهذا لا يقدر عليه إلا من امتلك الأجهزة والقياسات التي يحقق بها ذلك؛ فهل كان لمحمد - صلى الله عليه وسلم - مثل هذه القدرة وتلك الأجهزة؟ ومن الذي أخبر محمدا - صلى الله عليه وسلم - أن في السحاب مناطق خلل؛ وهي التي ينزل منها المطر، وهذا أمر لا يعرفه إلا من أحاط علمًا بدقائق تركيب السحاب المسخر بين السماء والأرض وبحركة الهواء داخل السحاب؟ ومن أخبر محمدا - صلى الله عليه وسلم - بأن الشكل الجبلي وصف للسحاب الذي ينزل منه البرد؛ فهل أحصى الرسول - صلى الله عليه وسلم - كل أنواع السحاب حتى تبين له هذا الوصف الذي لا بد منه لتكوين البرد؟ ومن أنبأه عن نوبات البرد التي لا بد منها في السحاب الركامي لكي يتكون البرد؛ قال تعالى:{وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ}(النور: ٤٣).
إن هذا السر لا يعرفه إلا من تمكن من مراقبة مراحل تكوين البرد داخل السحاب، ومن الذي أنبأه بأن للبرد برقًا، وأن البرد هو السبب في حصوله، وأنه يكون أشد أنواع البرق ضوءًا؟ إن ذلك لا يعرفه إلا من درس الشحنات الكهربائية داخل السحاب واختلاف توزيعها ودور البرد في ذلك؛ ولشدة خفاء هذا الأمر فقد نسب المفسرون البرق إلى السحاب وإن كان السحاب يشتمل على البرد في كلام المفسرين، ولم نجد من نسب هذا البرق إلى البرد مع أنه المعنى الظاهر لقوله تعالى:{وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ}(النور: ٤٣).
هذا؛ والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.