وقد وردت كلمة الصمم مترافقة مع كلمة العمى في ثماني آيات، سبقت في معظمها كلمة الصمم كلمة العمى، كما في قوله تعالى:{أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}(محمد: ٢٣)، وقال تعالى:{صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}(البقرة: ١٧١)، وقال تعالى:{صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ}(البقرة: ١٨)، وقال تعالى:{وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا}(الفرقان: ٧٣).
ومن الملاحظ في هذه الآيات الكونية أن كلم ة السمع قد سبقت كلم ة البصر، وبلا استثناء، فلا بد وأن نتساءل هل لهذا السبق من دلالة خاصة، قد تبدو الإجابة عن هذا السؤال وللوهلة الأولى، وعلى ضوء المعلومات الأولية التي نعرفها عن هذين الحسيين صعبة وعسيرة الفهم، فمن المعلوم فسيولوجيًّا وتشريحيًّا أن العصب البصري الواحد يحتوي على أكثر من مليون ليف عصبي، بينما لا يحتوي العصب السمعي إلا على ثلاثين ألف ليف فقط، كما أن من المعروف فسيولوجيًّا، أن ثُلثي عدد الأعصاب الحسية في الجسم هي أعصاب بصرية، ولا يرد إلى الجسم من مجموع المعلومات الحسية عن طريق الجهاز السمعي أكثر من ١٢%، بينما يرد إلى الجسم عن طريق الجهاز البصري، حوالي ٧٠% من مجموع المعلومات الحسية.