والزرقاني يعتبر عد العلوم الكونية من موضوعات علوم القرآن، ومعارفه خطأ جسيمًا، وإسرافا خطيرًا، فيقول:"ولكن بعض الباحثين طاب لهم أن يتوسعوا في علوم القرآن ومعارفه، فنظموا في سلكها ما بدا لهم من علوم الكون، وهم في ذلك مخطئون ومسرفون". هذا يعني ملخص مذهب الرافضين، وأدلة الرافضين لقبول التفسير العلمي للقرآن. فإذا ما جئنا إلى الصنف الثاني والذي يقف على طرف النقيض الآخر، وجدناهم يتساهلون في تفسير القرآن بتلك العلوم الحديثة لدرجة هي غاية في العجب كما رأينا في كتاب (الجواهر) حتى ليكاد أمرهم يصل إلى تلمس أي كلام في مجال العلوم الحديثة ليفسروا به أي آية قرآنية، ظانين أنهم بهذا المسلك يخدمون القرآن لسبقه العلماء فيما قالوا بأكثر من أربعة عشر قرنًا.
وإذا كان هؤلاء قد تساهلوا في قبول أيِّ كلامٍ ليفسروا به نصًّا قرآنيًّا بحجة إضافة براهين جديدة؛ للتدليل على صدقِ القرآن الكريم حتى ينكشف للناس أمجادٌ جديدةٌ للقرآن، ومعجزاتٌ حديثة له فيؤمنوا به، وبمن أنزله وبمن نزل عليه، إذا كان هؤلاء قد تساهلوا كل هذا التساهل؛ فإن ذلك مرفوضٌ منهم؛ فالأدلة على صدق القرآن أقوى من تلمس أيِّ كلامٍ ساقطٍ لا وزنَ له؛ لنقيم به دليلا على صحة القرآن؛ فإعجاز القرآن واضحٌ، وحجة هذا الإعجاز قوية، وهي غنيةٌ عن هذه التَّفَاهَات التي لا تصل إلى مجردِ نظرياتٍ علمية، فضلا عن استحالة أن تكون حقائق علمية ثابتة لا تقبل النقد.
الترجيح في هذه المسألة: نحن أمام رأيين وقَفَا على طرفِي نقيض في قضية التفسير العلمي، وقبل أن نرجح أي الرأيين أفضل نود أن نشير إلى عدة أمور:
الأمر الأول: هو أن التفسير العلمي ليس بدعة عصرية، فقد سلك الأقدمون من المفسرين في تفاسيرهم هذا النهج حيث فسروا القرآن بعلوم عصرهم كما يفعل