صور المادة، والطاقة مما نعلم، وما لا نعلم وتعرف هذه المرحلة باسم مرحلة الإتيان بكل من الأرض والسماء.
وقد جاء وصف المرحلتين الأخيرتين في الآية الحادية عشرة من سورة فصلت والتي يقول فيها الحق سبحانه موبخا كلا من الذين كفروا بالله تعالى فأنكروا الخلق أو أشركوا مع الله تعالى معبودا آخر:{قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ* فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}(فصلت: ٩ - ١٢). وهذه الآيات القرآنية الكريمة في كل من سورتي الأنبياء وفصلت تعرض لخلق السموات والأرض في إجمال وشمول، وإيجاز، كما تعرض لعددٍ من الحقائق الكونية الأخرى، وتربط بينها وبين عقيدة الإيمان بالله الخالق الواحد، الأحد الفرد الصمد؛ لأن عقيدةَ التوحيد تقوم على أساسٍ من الحقِّ الذي قامت به السموات والأرض، وكل ما فيهما من صور الخلق.
ومن المسلمات: أن الآيات الكونية لم ترد في كتاب الله الخالد من قبيل الإخبار العلمي المباشر للإنسان، وذلك لأن التحصيل العلمي قد ترك لاجتهاد الناس يجمعون شواهده جيلًا بعد جيل، وأمة بعد أمة؛ نظرًا للطبيعة التراكمية للمعارف المكتسبة ولمحدودية حواس الإنسان، وقدرات عقله، ومحدودية كلٍّ من مكانِهِ في بقعَةٍ محددةٍ من الأرض وزمانِهِ، أي: عمره. ومع تسليمنا بهذا الفهم، وتسليمنا كذلك بأن الآيات الكونية التي أشار إليها ربُّنَا في محكم كتابِهِ جاءت في مقام الاستدلال على طلاقةِ القدرةِ الإلهية في إبداعِ الخلقِ، وللاستشهَادِ على أن الله تعالى