الأسماء في الآية دون الأفعال حسن, وأحسن منه ما ذكره بعض أئمة الأصول عند الاستدلال بالآية, قال: فالأسماء كلها معلمة من عند الله بالنص, وكذا الأفعال والحروف أيضًا لعدم القائل بالفصل, ولأن الأفعال والحروف أيضًا أسماء, لأن الاسم ما كان علامة, والتمييز من تصرفات النحاة لا من اللغة, ولأن التكلم بالأسماء وحدها متعذر كما أشار إليه في المحصول والحاصل وغيرهما. ثم أخذ في الخصائص يحتج للقول بالمواضعة: وذلك أنهم ذهبوا إلى أن أصل اللغة لابد فيه من المواضعة قالوا: وذلك بأن يجتمع حكيمان أو ثلاثة فصاعدًا, فيحتاجوا إلى الإبانة عن الأشياء المعلومات فيضعوا لكل واحد منها سمة ولفظا, إذا ذكر عرف به مسماه ليمتاز من غيره, ويغني بذكره عن إحضاره إلى مرآة العين, فيكون ذلك أقرب وأسهل من تكلف إحضاره, وأطال القول في تقرير هذا الكلام, وإن كان واضحًا بنحو ورقة, ثم قال: وذهب بعضهم إلى أن أصل اللغات كلها إنما هو من الأصوات المسموعات, كدوي الريح وصوت الرعد وخرير الماء وشحيج الحمار ونعيق الغراب وصهيل الفرس ونحو ذلك, ثم ولدت اللغات عن ذلك فيما بعد, وهذا عندي وجه صالح ومذهب متقبل. قال: واعلم فيما بعد أنني على تقادم الوقت دائم التنقير والبحث عن هذا الموضع, فأجد الدواعي والخوالج قوية التجاذب لي, مختلفة جهات التغول على فكري, وذلك أني تأملت حال هذه اللغة الشريفة الكريمة اللطيفة, فوجدت فيها من الحكمة والدقة