للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في دورها الأول فنمت مملكتها بكثرة فتوحاتها ونفذت قوانينها الشرعية والوضعية في الممالك التي ربطت خيولها بأبواب ملوكها وأمرائها. فلما اتسع نطاق المدينة وجنح الخلفاء والأمراء إلى الرفاهة والسكون اسلموا أمور إدارتهم إلى الأجناس المحكومة بهم فدعاهم حب الأُثرة إلى نزع ما بيد مواليهم وساداتهم ورجعت العرب القهقرى وكثر المتغلبون وفسد النظام وجرت الدماء في كل جهة وطمعت دول أوروبا فهاجمت الشرق بعد أن كانت ترعد من ذكره ثم انتهى الأمر بجمع السلطة للأمة التركية فأخذت دورها الأول بما لا ينزل عن دور العرب بل تخطت من آسيا لأوروبا وفتحت بعض قطع منها واستولت عليها قروناً. وما زالت تزاول الأعمال بنفسها

حتى وقفت برزخاً ضيقاً بين أوروبا وبين بلادها وممالك الشرق ولما انتهت في المدينة إلى حد الرفاهية والخلود إلى الراحة وفوضت أمر كثير من الإدارات إلى غير جنسيتها كانت تلك الأجناس الوسيلة العظمى لتداخل أوروبا في مملكتها وكذلك بقية الممالك الشرقية التي أصبحت ميداناً للعب رجال أوروبا بعقول أهلها.

السبب الثالث

كل عائلة تغلبت على قطعة في أوروبا وحدت دينها والزمت المحكومين بالأخذ به وأراقت غزير الدم في سبيل توحيد الجامعة الدينية لئلا تترك بينهم ديناً آخر يوجب النفرة والفتن الداخلية والتداخل الخارجي وقد اعتنت أوروبا بالدين اعتناءً غريباً حتى ملأت بكلماته كتب التعليم من أي فن كانت ورسمت الصليب الذي هو الصورة ديناً على ديناً على

<<  <   >  >>