للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن السماك يحضر في مجلس وعظه ألف ألف واعظ نام ذات ليلة من الأيام فرأى رؤيا في المنام أن القيامة قد قامت والموازين قد نصبت واستقامت. والمنادي ينادي هلم إلى العرض على الله يا ابن السماك فعند ذلك انتبهت الملائكة الكرام. ونهضوا به وأوقفوه بين يدي الملك العلام. فقال له الله: ما حيلتك يا ابن السماك؟ فقال له: يا رب أنا واعظ أعظ الناس وأشوقهم إلى جنتك وأخوفهم من عذابك. فقال له: نعم تفعل ذلك بالنهار. وبالليل تصرُّ على معصيتي غاية الإصرار. فقال له: يا رب ومن يشهدُ عليّ بذلك؟ فقال له: الله تشهد عليك ملائكتي الكرام. فقال له: يا رب ملائكتك الكرام أعدائي. فقال له الله: ولمَ ذاك يا ابن السماك؟ فقال: لأنك قلت في كتابك العزيز: {وإذ قال ربك للملائكة أني جاعل في الأرض خليفة قالوا تجعل فيها من يفسد فيه ويسفك الدماءِ ونحن نسبح بحمدك ونقدّس لك} فقد سبوا أبي من قبلي ومن سب أبي فقد عاداه ومن عاداه فقد عاداني ومن عاداني فلا تجوز له عليّ شهادة. فقال له الله: تشهد عليك يداك ورجلاك يا ابن السماك. قال: يا رب يداي ورجلاي كانوا لا ينطقون في الدنيا وإذا نطقوا اليوم خوفاً منك والخائف لا تجوز له شهادة. فقال له الله: ولمَ ذاك يا ابن السماك؟ فقال له: لأنك قلت في كتابك العزيز: {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون}. فقال له الله عز وجل: تشهد عليك نفسك التي بين جنبيك. فقال: يا رب نفسي عدوتي والعدو لا يجوز له على عدوه شهادة. فقال له: ولمَ ذاك يا ابن السماك؟ فقال: يا رب لقولك في كتابك العزيز: {وما أبرئُ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي} وكل من أمر بسوءٍ فهو عدو والعدو لا تجوز له على

<<  <   >  >>